مدينة مكناس عاصمة… وجب حفظ همتها وهيبتها

ذ.الحاج ساسيوي

يشعر المكناسيون اليوم بكثير من الغبن أو أقول “الحكرة” جراء تراكمات متتالية من التهميش وعدم الإعتناء بمدينتهم،ولهذه الحالة النفسية المتولدة لديهم مايبررها،فما كانوا ليقنطوا لو أنهم وفوا حقهم؛فمدينتهم هي في الأصل عاصمة مبتكرة للدولة العلوية منذ 1672م على يد السلطان المولى إسماعيل،حيث اختارها عاصمة لملكه ودولته بدلا من فاس ومراكش،ولإعتبارات كثيرة ومتنوعة،لايتسع المجال هنا للتفصيل فيها.

إن مناسبة القول تنبعث مما عقد من اتفاقيات يومه الجمعة 16 أبريل 2021،بمقر ولاية جهة فاس مكناس،والتي حضرها وزير الشباب والرياضة، ووالي الجهة، ورئيس الجهة، وعمال العمالات والأقاليم بالجهة، ونواب رئيس الجهة، وعدد من المسؤولين الوطنيين والجهويين.وهمت هذه الاتفاقيات التوقيع على العديد من المشاريع التي رصد لها غلاف مالي وصل إلى 791,99 مليون دهم،ساهمت فيه الجهة بمبلغ 380.90 مليون درهم،وتوزعت بين عقد برنامج بين الدولة والجهة وكذا ماتعلق بمشاريع اتفاقيات مكملة لهذا العقد.

لم يكن حظ مدينة مكناس منها إلا مالايصلح ذكره،وهو جزء بسيط من “وضع برامج التجهيزات الرياضية”.وفي المقابل تم إحداث مشاريع ضخمة ونوعية بالجارة فاس،شكلت في كليتها جوهر وعمود هذه الاتفاقيات،وتتمثل في القطب الثقافي بها (مدينة فاس)، حيث المسرح الكبير – والذي بالمناسبة بحت حناجر المكناسيين من أجله ولأجله-، ومعهد الفنون الجميلة، والمعهد الجهوي للموسيقى والفن الكوريغرافي، والمركز الثقافي،وتم تخصيص غلاف مالي إجمالي قدره 113.64 مليون درهم،ساهمت فيه الجهة بمبلغ 55.45 مليون درهم.

وتجدر الإشارة، إلى أننا لسنا في حاجة إلى التنبيه على أن من حق كل المدن سواء على المستوى الوطني أو الجهوي أو الإقليمي أن تحظى بمشاريع من هذا القبيل،ولكن في إطار العدالة المجالية،واستحضارا للخلفية التاريخية والإعتبارية ،وغيرهما.

إن المكناسيين اليوم حائرون،قلقون على مدينتهم،خصوصا وأن كرامتها “تداس”،وقيمتها تهمل،وإنهم يتساءلون عن الأسباب التي جعلت مدينتهم على هامش التنمية بالجهة؛لهم أن يقلقوا،ولهم أن يحزنوا،ولهم أن يتحسروا،…،فماكان لمدينتهم أن تكون تابعة لمدينة أخرى في جهة ما،سواء أكانت فاسا أم غيرها؛لأن سيرتها التاريخية تفوق باقي المدن المغربية “عاصمة خالصة للدولة العلوية”،إضافة إلى مؤهلاتها الوافرة والمتنوعة،والتي يأتي في سنمها الموروث المادي الذي بوأها المرتبة الأولى وطنيا بنسبة تفوق 16/ ،وب 40 كلم من الأسوار التاريخية.وبالجملة ماكان لعاصمة أن تكون تابعة لعاصمة أخرى،فما تعيشه اليوم عاصمة المولى إسماعيل هو نتاج لقرارات أتخذت سلفا، لذلك فالمكناسيون اليوم يعيشون تداعياتها؛إنه داء العطب القديم.

إن مامورس من تهميش وإقصاء في حق مكناسة الزيتون إبان عقد الإتفاقيات المشار إليها سلفا،يتحمله بالدرجة الأولى ممثلو المدينة المتواجدين في دفة التسيير بمجلس الجهة،فسؤوليتهم ثابتة وجلية،لأنهم بدون شك لم يترافعوا البتة أو ترافعوا بشكل محتشم عنها،إذ لايعقل أن يتكرر الأمر في كل مناسبة دون أن أدنى رد فعل منهم.

وفي الأخير، وجب على ساكنة مدينة مكناس،وعلى الغيورين عليها والمحبين لها،أن يتحدوا،ويشكلوا قوى ضغط،أينما وحيثما وجدوا للترافع من أجلها،فالوضع لايحتمل، وقد وصل السيل الزبى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *