الدكتور محمد البغدادي (باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق بطنجة)
لا شك أن اتفاقية مينسك بشأن الوضع الأوكراني بين الحكومة المركزية الأوكرانية والمناطق المتمردة والمتجسدة في جمهورية دونيستك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية بتاريخ 5 سبتمبر 2014 تحت الرعاية السياسية الروسية والفرنسية والألمانية ، حيث تحظى بأهمية استراتيجية في ظل الصراع الأمريكي الروسي للأزمة الأوكرانية وزيادة الرئيس الأمريكي جون بايدن بإمداد أوكرانيا بالأسلحة الأكثر تطورا ضد التحركات الروسية في الحدود الأوكرانية ، ونشر القوات النيتو في أوكرانيا وفي بولندا ودول البلطيق ، والحد من النفوذ الروسي من خلال تلويح بالعقوبات القاسية ، ووضع حد لمشروع خط أنبوب الروسي نور ستريم2 .
وتجدر الإشارة إلى أن مشروع الاتفاقية الروسية للضمانات الأمنية كانت محط نقاش مستفيض في صلب تطورات القمة الافتراضية بين الرئيس الأمريكي جوبايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتاريخ 7 ديسمبر 2021 حول تعهد دول الناتو باستبعاد انضمام أوكرانيا إلى الحلف وتوسيعه وتعهد كل من روسيا وحلفو شمال الأطلسي بعدم نشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى في مناطق تسمح لكل طرف بإصابة أراضي الأخر، كما يتوجب على كل من روسيا وحلف النيتو الالتزام بعدم خلق ظروف تقيم على أنها تهديد، هذا فضلا عن أن الضمانات الأمنية أيضا تشمل في بنودها دعوة روسيا لحلف النيتو للعمل على منع وقوع حوادث بحرية وجوية في البحر الأسود وبحر البلطيق، وبموجب المقترحات الروسية تتعهد موسكو وواشنطن بعدم إجراء تدريبات عسكرية ذات سيناريو استخدام الأسلحة النووية، أضف إلى ذلك يسمح بنشر القوات والأسلحة في أوروبا في حالات استثنائية بموافقة روسيا وأعضاء النيتو ، وبموجب المسودة المقترحة تلتزم روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بإزالة البنية التحية لنشر الأسلحة النووية خارج أراضيهما ، كما أنا روسيا تقترح على النيتو التخلي عن أي نشاط عسكري في أوكرانيا وأوروبا الشرقية ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى، وتنص الشروط الروسية على التزام الولايات المتحدة الأمريكية بمنع امتداد النيتو شرقا وعدم انضمام دول من الجمهورية السابقة للاتحاد السوفيتي إلى حلف النيتو، إلى جانب عدة ملفات عالقة وشائكة وخلافات واسعة، وهي الأزمة المتصاعدة على الحدود بين روسيا وأكرانيا ، والأمن السيبراني ، ومهاجمة روسيا البنية التحتية الأمريكية ،والتوترات الحدودية الأخيرة بين روسيا والنيتو ، والدبلوماسية وطرد الدبلوماسيين وإغلاق البعثات ، وكذا ملفات الحوار الاستراتيجي في يونيو و المتمثلة في التكنولوجيا الجديدة والفضاء والحد من التسلح، وهذا ما أكده الرئيس الروسي في الاجتماع الموسع لوزارة الدفاع الروسية بموسكو بتاريخ 21 ديسمبر 2021.
وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بشدة هو:هل ستستجيب الولايات المتحدة الأمريكية للمطالب الروسية بشأن إعادة هيكلة النظام الأمني بأوروبا في ظل تصاعد التحالف الروسي الصيني؟ وبعبارة أخرى هل ستخضع روسيا للنفوذ الأمريكي في أوكرانيا؟.