مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة يثير جدلاً حول تراجع المقاربة الدستورية وهيمنة منطق الضبط الاقتصادي

أثار مشروع القانون رقم 25.26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، والذي عُرض مؤخراً، ردود فعل متباينة من طرف مهنيين وأكاديميين، اعتبروا أن المشروع يتخلى عن المقاربة الدستورية والحقوقية التي نص عليها الفصل 28 من الدستور، لصالح توجه ضبطوي اقتصادي يُقلّص من استقلالية القطاع. وأكد الأستاذ محمد الأعرج، الوزير الأسبق للاتصال وأستاذ القانون العام، في قراءة أولية للمشروع، أن هذا الأخير يكرّس منطق التقنين والرقابة، متجاوزاً المبادئ الديمقراطية التي يُفترض أن تُؤطر تنظيم قطاع الصحافة.

وانتقد الأعرج، في ملاحظاته، غياب الشفافية في إعداد المشروع، مشيراً إلى غياب النشر الاستباقي في موقع الأمانة العامة للحكومة، وغياب دراسة الأثر، وعدم توضيح موعد دخول النص حيز التنفيذ. كما تساءل عن دلالات التمثيلية التي تم إقرارها داخل المجلس، معتبراً أن الاقتصار على الناشرين الكبار وفق رقم المعاملات السنوي يعزز هيمنة المؤسسات الكبرى ويقصي المقاولات الإعلامية الصغرى والمتوسطة، في تضاد مع مبدأ تكافؤ الفرص والتمثيلية التعددية.

كما عبّر عدد من المهنيين عن قلقهم من تركيز مشروع القانون على الآليات الزجرية والتأديبية، على حساب مبادئ الوساطة والتحكيم والاستقلالية المهنية، حيث خُصص باب كامل للعقوبات التأديبية شمل 15 مادة، مقابل ست فقط للوساطة. ويطرح المشروع أيضاً عقوبات جديدة من قبيل توقيف النشر وسحب البطاقة المهنية لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في حالة العود، وهو ما اعتُبر تشدداً يهدد حرية العمل الصحفي ويثير التساؤل حول التوجه العام الذي تسير فيه السياسة التشريعية المنظمة للقطاع.