مشروع قانون تجريد الجزائريين المقيمين في الخارج من جنسيتهم الأصلية جريمة نكراء يرتكبها جنرالات الجزائر

محمد بوبكري

بقرار من جنرالات الجزائر، قام مؤخرا « بلقاسم زغماتي وزير العدل الجزائري » الذي يلقبه الشارع الجزائري بـ « جنرال القضاء »، بتقديم مشروع قانون تجريد الجزائريين المقيمين بالخارج من جنسيتهم الأصلية، أو المكتسبة إذا تورطوا في أفعال تلحق الضرر بالمصالح الجزائرية، أو تمس بالوحدة الوطنية، أو بنشاط في منظمة إرهابية، أو في حالة التعامل مع دولة معادية للنظام الجزائري.

يلاحظ المتتبعون للشأن الجزائري أن وسائل إعلام الجنرالات لم تشر إلى مشروع القانون هذا، كما أنها لم تعلق عليه ولم تناقشه، ما يدل على خجل أصحابها من الحديث عن جريمتهم هذه، لأنهم يدركون جيدا أنها مخجلة أمام الرأيين العامين المحلي والدولي، لأنها تضرب حقا أساسيا من حقوق الإنسان.

ويعود إصدار هذا القانون إلى أن جنرالات الجزائر يحقدون على الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج لأنها توجه النقد إلى الأوضاع السائدة في الجزائر، ما يعني أن الجنرالات يسعون من وراء هذا المشروع إلى منع الجزائريين من المطالبة بحقوقهم. هكذا، فإن حكام الجزائر يمارسون الاستبداد، حيث يعتقدون أنهم وحدهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، الأمر الذي جعلهم لا يواجهون النقد الموجه إليهم من قبل المجتمع الجزائري بإعادة النظر في ذواتهم، بل إنهم يلجؤون إلى العنف لوضع حد للذين يختلفون معهم. لذلك، فهم لا يدركون أن استبدادهم هو الذي يهدد الوحدة الوطنية في الصميم.

وبما أن الجنرالات يهمشون الشعب الجزائري، ويقصونه، فإنهم يهينونه ويحتقرونه، ما يعد سببا رئيسا في إضعاف الجزائر. كما لصوصية هؤلاء الجنرالات وتهريبهم لأموال الجزائريين هي التي خلقت مشكلات اجتماعية كبرى ساهمت في تحطيم الوطن وتهديمه. وهذا ما يشكل خيانة للوطن والشعب الجزائريين معا.

وبسعي الجنرالات إلى فرض قانون التجريد من الجنسية، يجعل نظام العسكر من الجزائر أول دولة تتجرأ على سحب الجنسية الأصلية الجزائرية من أبنائها. أليست سياسة العنصرية والإقصاء والتهميش التي يمارسها الجنرالات هي التي دفعت منطقتي « القبايل » و »ورقلة » إلى المطالبة بالانفصال عن الجزائر؟

ألا يشكل إقصاء منطقة « ورقلة » وتهميشها سببا في مطالبة سكان هذه المنطقة بالانفصال عن الجزائر؟ ألا يعد حقد الجنرالات على منطقة « القبايل » خيانة لدماء شهداء هذه المنطقة الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل استقلال الجزائر؟ ألا يدل ذلك على رغبة جنرالات الجزائر، الذين حاربوا في صفوف الجيش الفرنسي حركة التحرير الجزائرية، في التخلص من أبناء شهداء « القبايل »؟ ألا يدل هذا على أن سياسة الجنرالات القائمة على الإقصاء والعنصرية والفساد والنهب، هي التي تمس بالوحدة الوطنية؟ أليس الجنرالات هم الذين نهبوا عائدات البترول والغاز الجزائريين؟ ألا يقرر العسكر في كل شيء في الجزائر؟ ألا يعملون على الحيلولة دون أي مشاركة شعبية في القرارات التي تهم الوطن والشعب الجزائريين ومستقبلهما؟ ألا يعد تهميش منطقة « القبايل » وعدم الاعتراف بحقوقها كاملة اعتداء على أهلها، ما يضر بتماسك اللحمة الوطنية؟ ألا يعد مبدأ « المواطنة » قاعدة أساسا لـ »الوطنية »؟… وهذا ما يؤكد جهل الجنرالات الذي أعماهم ودفعهم إلى التفكير في سن مشروع قانون سحب الجنسية الذي جعل الجزائر تكون أول دولة في العالم تفكر في سحب الانتماء الأصلي لأبناء البلد منه، الأمر الذي جعل من هذا المشروع جريمة بشعة، لأنه يتعارض جذريا مع المنظومة الدولية بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 وميثاق نيويورك الصادر سنة 1962، والاتفاقية الأوروبية حول الجنسية الصادرة سنة 1997، حيث ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في الجنسية، ولا يمكن لأي أحد أن يحرمه من جنسيته أو يغير له جنسيته. وتنص المادة 9 من هذا الإعلان العالمي إلى أنه لا يمكن أن يجرد الإنسان من جنسيته لأسباب عنصرية، أو دينية، أو سياسية.

ومن الأكيد أن جنرالات الجزائر يهدفون من وراء سن هذا القانون المشؤوم إلى تصفية حساباتهم مع معارضيهم السياسيين، ما يجعل هذا القانون مدانا دوليا، لأنه يتعارض، بشكل تام، مع القانون الدولي، ما يفرض على كل من الأمم المتحدة والشعب الجزائري ممارسة الضغط من أجل إلغائه.

يبدو لي أن التفكير في فرض مشروع هذا القانون، في هذه الظرفية، يدل على أن جنرالات الجزائر أغبياء، لأنهم لم يدركوا أنه سيضاعف من قوة الحراك وزخمه، نظر لاستفزازه للشعب الجزائري وللرأي العام الدولي، علما أن الأمم المتحدة قد أصدرت مؤخرا بيانا تندد فيه بالعنف الذي يمارسه العسكر على مناضلي الحراك الشعبي الجزائري. وما يؤكد غباء الجنرالات هو أن هذا القانون سيضعهم مرة أخرى وجه لوجه مع الأمم المتحدة التي ترفض منظومتها القانونية أن يعيش الإنسان بدون أية جنسية، لأن الجنسية حق من حقوق الحياة…

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *