مشروع قانون يربك الأحزاب.. هل تدفع الداخلية نحو انقلاب داخلي على القيادات المُمدِّدة لنفسها؟

خالد بوبكري

أثار مشروع القانون التنظيمي رقم 25.54 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 11.29 المتعلق بالأحزاب السياسية، الذي قدمه وزير الداخلية، عصر أمس الاربعاء بلجنة الداخلية والبنيات الاساسية بمجلس النواب، جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية بعدما تضمن مقتضيات غير مسبوقة تتيح للأحزاب الاستفادة من دعم مالي مهم شريطة انتخاب مسؤول وطني جديد عبر مؤتمر استثنائي.

خطوة سيعتبرها البعض تشجيعا مباشرا لمناضلي الأحزاب للتمرد على قياداتها التي ظلت لسنوات تُمدّد لنفسها وتتحكم في التنظيمات الحزبية دون تداول حقيقي على المسؤوليات.

المشروع كما عرض أمام البرلمان يعيد ترتيب قواعد اللعبة الداخلية للأحزاب من خلال ربط الدعم العمومي بإعادة هيكلة القيادة وتجديدها ومنح موارد مالية إضافية لتغطية مصاريف المؤتمرات الاستثنائية، بل ويعفيها من بعض القيود القانونية إذا كان الهدف “تجديد المسؤوليات”.

وهو ما يفهم منه أن الدولة باتت ترى في استمرار نفس القيادات عائقاً أمام تجويد العمل السياسي وإعادة الثقة إلى المؤسسات الحزبية.

وهنا تطرح أسئلة مشروعة ومقلقة:
هل ضاقت الداخلية -الدولة- ذرعا بالقيادات الحزبية الحالية التي مددت لنفسها أكثر من ولاية وأغلقت أبواب التداول الديمقراطي؟
هل وصل صانع القرار إلى قناعة بأن هذه النخب لم تعد قادرة على تنشيط الحياة السياسية أو تجديد خطابها فاختار آلية مالية وقانونية لدفع القواعد نحو إزاحتها؟
وهل نحن أمام بداية مرحلة جديدة تحاول فيها الدولة تنظيف الحقل الحزبي من الزعامات القديمة عبر تحفيز الانقلاب التنظيمي الداخلي الناعم؟

مشروع القانون هذا يفتح الباب أمام كل هذه التأويلات، خصوصا أنه يأتي في لحظة حساسة تتراجع فيها مصداقية الأحزاب ويتصاعد فيها الغضب الشعبي والداخلي من الزعامات الأبدية.

وبين من يعتبره مدخلا لتجديد النخب السياسية، ومن يراه تدخلاً ناعماً للدولة في إعادة تشكيل الخريطة الحزبية، يبقى المؤكد أن المشهد السياسي مقبل على هزات داخلية قد تغيّر موازين القوة داخل أكثر من حزب وربما تُسقط أسماء اعتادت الجلوس طويلاً على رأس التنظيم الحزبي، خاصة وأن بلادنا مقبلة على تحولات إستراتيجية كبرى أحدثها القرار الاممي 2797 المتعلقة بالصحراء المغربية.