كريم ماهر /باحث في التاريخ الحديث
تعدّ معركة وادي اللبن سنة 1558 إحدى أهم المعارك التي رسخت استقلال المغرب في وجه التوسع العثماني، بعدما حاولت الدولة العثمانية فرض نفوذها غربًا كما فعلت في معظم بلدان شمال إفريقيا.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن الجيش العثماني، بقيادة حسن باشا ابن خير الدين بربروس، لم يقتصر على القوات النظامية القادمة من الأناضول فقط، بل ضمّ أيضًا وحدات كبيرة من إيالة الجزائر، التي كانت خاضعة للحكم العثماني حينها.
وتصف بعض الروايات هذه المشاركة بأنها خيانة واضحة للمغرب، باعتبار أن القوات الجزائرية ــ بحكم الجوار القريب والروابط التاريخية ــ اختارت الانخراط في حملة تستهدف السيادة المغربية، بدل الوقوف على الحياد أو منع توظيف أراضيها وقواتها في هجومات ضد المملكة.
في مواجهة ذلك، قاد السلطان السعدي محمد الشيخ تعبئة واسعة لحماية الحدود الشرقية، قبل أن يخوض المغاربة معركة شرسة انتهت بـ هزيمة ثقيلة للعثمانيين وتراجع قواتهم المدعومة من إيالة الجزائر، ما أفشل خطط التوسع وأكد قدرة المغرب على الدفاع عن وحدته وسيادته.
وتظل المعركة اليوم إحدى أهم المحطات التي تبرز توازنات القرن السادس عشر، كما تشكل وثيقة تاريخية تفضح الدور الذي لعبته إيالة الجزائر في دعم التقدم العثماني على حساب المغرب، في زمن كانت فيه التحالفات الإقليمية معقدة ومشحونة بالتنافس على النفوذ.





