
كشف الخبير في مجال الإعلاميات حسن خرجوج أن حزب التجمع الوطني للأحرار أنفق، بين 2018 و2025، على ما يزيد عن 7400 إعلان ممول، بينها حملات توقفت وأخرى ما تزال نشطة، في إطار استراتيجية حضور دائم ورسائل تتكرر بصيغ مختلفة حتى تترسخ في الوعي الجماعي.
وأورد أن الحزب لجأ إلى أسلوب الاستهداف الدقيق Micro Targeting حسب الموقع الجغرافي، والفئة الديموغرافية، والاهتمامات، والسلوكيات، مع اعتماد اختبارات A/B لصياغة النسخ الأكثر فعالية من المحتوى، والسماح لخوارزميات “ميتا” بتوسيع دائرة الوصول.
وأضاف أن كل تفاعل مع هذه الحملات يتم رصده وتحويله إلى مسار سياسي يبدأ بالوعي، ثم الإقناع، وصولًا إلى التعبئة، وذلك عبر تتبع البيانات في الزمن الحقيقي باستخدام أدوات مثل Pixel وUTM، ما يسمح ببناء قاعدة معلومات مركزية تغذي القرارات الاستراتيجية للحزب.
وقال إن الميزانية الإعلانية اعتمدت على نظام “Always On”، مع ضخ نفقات إضافية في المحطات السياسية الحساسة، لضبط الخطاب المنتشر والتحكم في الأجندة الرقمية، وقطع الطريق على السرديات المنافسة.
التحليل السياسي والتقني يوضح أننا أمام تجربة تسويق سياسي متكاملة، صُممت بعقلية شركات الإعلانات الكبرى، حيث تتحول البيانات إلى سلاح انتخابي طويل المدى، يرسخ ما يعرف بــTop of Mind Awareness، أي جعل اسم الحزب أول ما يتبادر إلى ذهن الناخب عند التفكير في السياسة.
هذه الهيمنة الرمزية على الذاكرة السياسية للناخب تمنح الحزب أسبقية ميدانية هائلة قبل حتى أن تبدأ الحملة الرسمية.
من الناحية التقنية، يوظف الحزب تكتيكات متقدمة تجمع بين تحليل البيانات في الوقت الفعلي، والاستهداف الدقيق، والتحكم الذكي في الخوارزميات، ما يجعله يتفوق على بقية الأحزاب التي ما زالت تتعامل مع الفضاء الرقمي بعقلية بدائية أو موسمية.
أما سياسيًا، فهذا الأسلوب يضع المنافسين في موقع رد الفعل، ويجعلهم يلهثون وراء ضبط سرديات مضادة، بينما الحزب هو من يحدد إيقاع النقاش العام ويوجه دفته.
النتيجة أن التجمع الوطني للأحرار لا يخوض معركة 2026 من نقطة الصفر، بل من موقع متقدم بأشواط، لأنه بنى على مدى سبع سنوات ماكينة انتخابية رقمية تعمل بلا توقف، تعرف جمهورها بدقة، وتعرف كيف تصل إليه، ومتى، وبأي رسالة. وإذا لم تطور باقي القوى السياسية بنيتها الرقمية بنفس الاحترافية، فإنها ستخوض المعركة القادمة وهي مهزومة رقميًا قبل أن تضع أول ملصق على الجدران.
