مقاولات حقوقية!!!

علي الغنبوري

في خرجة غريبة و عجيبة من نوعها اكدت « الحقوقية » و الرئيسية السابقة للجمعية المغربية لحقوق الانسان خديجة الرياضي ، ان ما يروج مؤخرا حول مصطفى الرميد بشان عدم تصريحه باحدى موظفاته بصندوق الضمان الاجتماعي ، ما هو الا حق اريد به باطل.

بغض النظر عن دوافع و سياق هذا التصريح، الا ان الملاحظة الاولى التي يمكن استقراؤها منه ، اننا امام انحطاط حقوقي بامتياز، تصبح خلاله الخلفيات و الاصطفافات السياسية هي المحرك الرئيسي و المحوري لاي فعل حقوقي بالبلاد.

فالسيدة الرياضي ، تعلم جيدا ان حقوق الانسان هي مجردة و غير مرتبطة بلون او تموقع او موقف سياسي كيفما كان نوعه او سياقه، فالدفاع عنها، يقتضي التجرد و النزاهة و قول الحقيقية، و هي مبادئ غير قابلة للتكتيك او الاستعمال او التوظيف داخل الصراع السياسي .

و اي انزياح عن هذه الوظيفة و الغاية المجردة لحقوق الانسان، تضع صاحبها موضع الشك و الالتباس المقرون بعلامات استفهام عديدة حول اهدافه و غاياته و مراميه ، كما تدفع الى الاستفسار حول المكاسب و الارباح التي يمكنه ان يستفيد منها من وراء هذا التحريف و التوظيف المتعمد لحقوق الانسان.

فلا يمكن لاي حقوقي ان يتستر على خرق حقوق الانسان من اي كان و لو تعلق الامر باقرب المقربين منه، فلا الموقع الاجتماعي و لا الموقع السياسي، يمكنه ان يحول دون الجهر بخرق حقوق الانسان، و الا تحول الامر الى ابتزاز و سمسرة حقوقية باسم الاختلاف السياسي .

هذا الوضع الشاذ الذي تتخبط فيه السيدة الرياضي و اطارها الحقوقي ، لا يقتصر فقط على حالة الرميد الذي تبث تبوثا قطعيا، ارتكابه لفعل يرتقي الى مصاف الجريمة الاجتماعية، بل يمتد الى حالات عديدة، عطلت و الغت معها كل المفاهيم و المبادئ الحقوقية، تحت درائع و تبريرات مختلفة .

و تابعنا كيف اصبح الاغتصاب مباحا في حالة الصحفي توفيق بوعشرين، و كيف تم التعامل مع النساء الضحايا، و كيف جردن من حقوقهن ، و كيف رفع عنهن الدعم الحقوقي الواجب لحالتهن، مع الاصرار الشديد على تسفيههن و تشويههن ، و الطعن في شرفهن، تحت دريعة ان الجاني « مزعج » للدولة.

و شاهدنا كذلك كيف انتصبت السيدة الرياضي و جمعيتها للدفاع عن الاجهاض في حالة الصحفية هاجر الريسوني ، و كيف اصبحت حقوق الانسان موضوع مساومة و مزايدات سياسية واضحة ، و كيف تم اقتصار هذا الحق على حالة هاجر الريسوني دون سواها من مئات الحالات المماثلة لنساء مغربيات بدون اي انتماء سياسي، التي تغض الرياضي و جمعيتها الطرف عنها، بل تفعل مبدأ القرود الثلاثة  » انا لا ارى لا اسمع لا اتكلم »حيالها.

التوظيف السياسي و العلائقي و الابتزازي لحقوق الانسان من طرف السيدة الرياضي و جمعيتها ، سيأخد بعدا اخر في حالة تهمة هتك العرض التي يواجهها الصحفي سليمان الريسوني في حق احد مثليي الجنس، فالكل تابع المواقف الملتبسة و المتناقضة و الغامضة، لهؤلاء اتجاه طرفي القضية ، حيث لم يستطيعوا بلورة موقف واضح من هذا الملف، و ظلوا في منزلة بين المزلتين ، لا هم ادنوا طرفي القضية و لا هم دافعوا عنهم، في تجلي واضح للحيرة الحقوقية المرتبطة بعدم القدرة على الحسم في الموقف، لارتبطات الملف بشبكات و قنوات الدعم المالي السخي من الجهات الدولية المانحة.

للاسف هذا السلوك الحقوقي المنحرف و الملتبس، يجعل حقوق الانسان و الدفاع عنها في المغرب، رهين ابعاد سياسية متشابكة ، تصر الاطراف الممسكة بتلابيبها على رهنها بانتماءات و اصطفافات سياسية معينة ، تجعل من الصراع السياسي المعيار الابرز لتفعيلها و النضال من اجلها.

فهذه الاطارات و الهيئات الحقوقية ، تتصرف وفق منطق الربح و الخسارة السياسية، المرتبطة بهامش كبير من التداعيات المادية على فعلها، و هو ما يجعلنا امام مقاولات سياسية بعيدة كل البعد عن المنطق الحقوقي المجرد، غير المرتبط بالانتماء و القرب و الفئوية و الاصطفاف السياسي.

ما قام به الرميد هو انتهاك صارخ لحق من حقوق عامليه، و هو فعل غير قابل للقسمة على اثنين، و غير قابل للتبرير و التبييض، و كل المبررات المتفرعة عنه مهما كانت، فهي غير ذات جدوى، بل هي محاولة بئيسة للاصطياد في الماء العكر، و خلط للمجال الحقوقي بالسياسي، و ابتزاز بئيس على حساب المنظومة الحقوقية.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *