ملتمس الرقابة… مبادرة المعارضة التي تحولت إلى هدية سياسية للأغلبية

الرباط – هاشتاغ

تحولت مبادرة فرق المعارضة بمجلس النواب، مدعومة بالمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، لتقديم ملتمس رقابة ضد حكومة عزيز أخنوش، إلى واحدة من أكبر الهدايا السياسية التي قُدمت للأغلبية خلال هذه الولاية التشريعية. فقد كشفت هذه الخطوة هشاشة التنسيق بين مكونات المعارضة، وعجزها عن التوافق والانسجام، سواء داخل قبة البرلمان أو على مستوى قياداتها الحزبية.

الملتمس الذي وُلد ميتًا، جاء امتدادًا لمحاولة سابقة فاشلة لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول دعم مستوردي المواشي واللحوم. غير أن هذه الخطوة اصطدمت بحاجز النصاب القانوني الذي يشترطه الفصل 67 من الدستور، والمحدد في ثلث أعضاء مجلس النواب أو المستشارين. وهو ما دفع الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، إلى إعادة طرح فكرة ملتمس الرقابة التي سبق له اقتراحها دون أن تلقى تجاوبًا آنذاك.

هذه المرة، بدا أن المعارضة قررت المضي في المبادرة بعد التشاور مع قياداتها الحزبية، غير أن الخلافات سرعان ما ظهرت مجددًا، إذ رفض ثلاثة مكونات من أصل أربعة التوقيع على الملتمس ما لم تُتْلَ مذكرته داخل البرلمان، لما تمثله تلك التلاوة من رمزية سياسية. واعتبر الفريق الاشتراكي، صاحب المبادرة والمبادر بصياغة المسودة الأولى، أنه الأجدر بتلاوة المذكرة، نظرًا لعدد نوابه ودوره القيادي في المبادرة.

لكن وجهة نظر الفريق الاتحادي لم تلق قبولًا من العدالة والتنمية ولا من الحركة الشعبية، حيث اعتبر الطرفان أن المبادرة كانت جماعية ولم تكن حكرًا على الاتحاد الاشتراكي. ودعمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، برئاسة عبد الله بوانو، خيار أن يتولى نواب الحركة الشعبية تلاوة المذكرة، على اعتبار أن أمينهم العام يتواجد ضمن صفوف المعارضة، رغم أن الفريق الاشتراكي يظل الأكبر عددًا.

التوتر بلغ ذروته بعد إعلان الفريق الاشتراكي انسحابه من المبادرة، ما فجّر موجة من الاتهامات المتبادلة بين مكونات المعارضة. إذ اتهم إدريس لشكر شركاءه بمحاولة السطو على مبادرة حزبه، بينما ردّت الأطراف الأخرى بأن الاتحاديين كانوا يفتقرون إلى الوضوح والجدية، بل واتهمهم البعض بمحاولة المناورة السياسية ومساومة الأغلبية، خصوصًا حزب التجمع الوطني للأحرار، تمهيدًا لإعادة التموضع السياسي في أفق انتخابات 2026.

وفي خضم هذا السجال، استُحضر دور لشكر في “بلوكاج” تشكيل الحكومة بعد انتخابات 2016، ما يعكس عمق التوتر وعدم الثقة بين قيادات المعارضة، ويطرح علامات استفهام حول مدى قدرتها على تقديم بديل منسجم وفعّال أمام حكومة أخنوش.