ممارسات بعض الجزائريين في أوروبا تثير القلق وتسيء لسمعة الكل

تعيش الجالية الجزائرية في أوروبا على وقع أزمة صامتة تتصاعد ملامحها مع توالي التقارير الأمنية والشهادات الميدانية التي ترصد تورط عدد من أفرادها في ممارسات غير قانونية، باتت تثير القلق وتغذي صورة نمطية سلبية عن الجزائريين في الخارج. وعلى الرغم من أن هذه التصرفات لا تمثل عموم الجالية، إلا أن تكرارها وتسليط الضوء عليها في وسائل الإعلام، جعلها تتحول إلى قضية رأي عام في أكثر من بلد أوروبي، حيث بات اسم “الجزائري” يرتبط في المخيال الجماعي بممارسات التزوير والاحتيال وسرقة الهواتف والسيارات والتهرب الضريبي.

مصادر متعددة تؤكد أن تزوير الوثائق الشخصية والإدارية أصبح من بين الأفعال الأكثر شيوعًا، إذ يلجأ البعض إلى تزوير جوازات السفر أو وثائق الإقامة، واستعمال بيانات صحية أو اجتماعية مزيفة بغرض الحصول على مساعدات حكومية دون وجه حق. ويذهب بعضهم أبعد من ذلك، باختلاق أوضاع معيشية صعبة للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، ما يضعهم في مواجهة مباشرة مع السلطات الأوروبية التي أصبحت أكثر تشددًا في الرقابة والتحقيق.

في المقابل، تشير معطيات ميدانية إلى لجوء عدد من المهاجرين الجزائريين الذين يديرون مشاريع تجارية صغيرة أو أنشطة اقتصادية حرة إلى التهرب الضريبي، معتبرين الأمر وسيلة “لحماية الأرباح” في بيئة ضريبية يعتبرونها خانقة، غير مدركين أن هذه السلوكيات تُضعف الاقتصاد المحلي وتدفع الحكومات إلى مراجعة سياستها تجاه المهاجرين.

وفي الجانب الأمني، تكشف التحقيقات عن وجود شبكات مختصة في سرقة الهواتف والسيارات تنشط بين العواصم الأوروبية، وتُتهم بعض هذه العصابات بتهريب المسروقات إلى الجزائر أو إلى مناطق تعرف نزاعات مسلحة، حيث تباع الأجهزة المسروقة بأسعار مغرية. وفي حالات أخرى، تُفكك السيارات المسروقة وتُباع كقطع غيار داخل السوق السوداء، ما يعكس تطورًا نوعيًا في آليات الجريمة العابرة للحدود.

كل هذه المعطيات، وإن كانت تخص فئة محدودة، فإنها تترك أثرًا جماعيًا، حيث يتعرض الجزائريون المقيمون في أوروبا إلى تنميط جماعي غير عادل، ويجدون أنفسهم في مرمى خطابات اليمين المتطرف، التي تستغل هذه الظواهر لتغذية مشاعر العداء تجاه المهاجرين، والدفع نحو تشديد القوانين وتقليص مساحات الاندماج. وفي ظل هذا الواقع، ترتفع داخل الجالية الجزائرية دعوات إلى وقفة نقد ذاتي جادة، تحمّل المسؤولية للفئات التي أساءت للجميع، وتدعو إلى تصحيح المسار، من خلال احترام القانون، والانخراط الإيجابي في المجتمعات المضيفة، وحماية ما تبقى من صورة وسمعة في زمن لا يرحم فيه الرأي العام.