العربي مولاي أحمد
في خضم التحول الرقمي الذي تعيشه المدرسة المغربية، تبرز منصة “مسار” كأحد أهم أركان تدبير شؤون أكثر من 8 ملايين تلميذ وتلميذة.
ورغم مركزيتها في العملية التعليمية نجد المنظومة نفسها اليوم في مهب رياح التهديدات السيبرانية وسط تساؤلات متصاعدة حول مدى جاهزية وزارة التربية الوطنية لحمايتها وضمان استمراريتها، خاصة في الفترات الحساسة كفترات الامتحانات.
في هذا السياق وجه المستشار البرلماني عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب خالد السطي، سؤالاً كتابياً لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، يدق فيه ناقوس الخطر بشأن الهشاشة الأمنية التي تحيط بالمنصة، ويُحذّر من تداعيات اختراق محتمل قد يُربك ليس فقط العملية التعليمية، بل مصداقية الدولة في حماية المعطيات التربوية الحساسة.
ليس “مسار” مجرد أداة لتسجيل النقط أو تدبير الغياب، بل هي قاعدة بيانات وطنية تتضمن مساراً تعليمياً كاملاً لكل تلميذ، منذ دخوله المدرسة إلى غاية تخرّجه. إن أي اختراق أو تعطل لهذه المنصة، ولو لساعات، كفيل بإحداث فوضى حقيقية في السير العادي للمؤسسات التعليمية، وإرباك الآلاف من التلاميذ وأسرهم، خاصة خلال المواسم الامتحانية التي تزداد فيها الحاجة إلى نظام رقمي فعّال ومؤمّن.
المثير في الأمر، أن هذه التحذيرات لا تأتي لأول مرة، فلطالما نبّه إلى ضعف البنية التحتية الرقمية للوزارة، وعدم كفاية الإجراءات الأمنية، بدءاً من غياب التحقق الثنائي، ومروراً بعدم تأمين البريد المهني للأطر، ووصولاً إلى ترك بعض الأنظمة مفتوحة خارج أوقات العمل، مما يزيد من فرص الاختراق وسوء الاستعمال.
لكن رغم ذلك، يبدو أن وزارة التربية الوطنية تواصل تعاطيها البطيء والبيروقراطي مع التحديات الرقمية، وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام احتمالات خطيرة، قد تتحول معها المنصة من أداة للنجاح إلى سبب في أزمة وطنية.
الأمر لا يقتصر فقط على البنية التقنية، بل يتعداه إلى البعد البشري، إذ لا تزال فئات واسعة من الأطر الإدارية والتربوية تفتقر إلى التكوين المتخصص في مجال الأمن المعلوماتي مما يزيد من هشاشة المنظومة ويجعلها عرضة لأخطاء بشرية قد تكون مكلفة.
في ظل تزايد الهجمات السيبرانية على الصعيد العالمي، لا يمكن لوزارة التربية الوطنية أن تواصل العمل بمنطق الترقيم دون تأمين، ولا التوسّع في استخدام المنصات دون تحصينها.
فحماية “مسار” لم تعد مجرد قضية تقنية، بل هي اليوم قضية أمن تربوي وطني بامتياز، وأي تراخٍ في هذا الملف قد يكون له ثمن تربوي واجتماعي باهظ.