من الاعتراف بمغربية الصحراء إلى تعزيز النفوذ.. ماذا تخفي الشراكة المغربية الأمريكية؟

هاشتاغ _ الرباط

خلال سنة 2024، تعززت الشراكة الاستراتيجية التي تربط بين المغرب والولايات المتحدة. هذا التحالف الذي ينبني على القيم والالتزامات والطموحات المشتركة، يزخر بمؤهلات للتطور، تجعله في خدمة التنمية والازدهار المشترك والسلام والأمن الإقليميين والدوليين.

يحظى هذا المنظور الواعد بدعم العمل القيادي والالتزام الدائم بهذه الشراكة المتعددة الأوجه، التي يعبر عنها الملك محمد السادس.

في رسالة التهنئة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى دونالد ترامب بمناسبة انتخابه مجددا رئيسا للولايات المتحدة، أكد أن المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية قد تمكنتا من إقامة تحالف تاريخي وشراكة استراتيجية لم تزدهما الأيام إلا رسوخا.

وأبرز الملك أن “ما نتقاسمه من قيم ومن مصالح مشتركة في مجالات واسعة، مكننا من العمل سويا وبشكل دؤوب من أجل بناء مستقبل أفضل لشعبينا، والنهوض بعلاقاتنا وتعزيز دورها في دعم السلام والأمن والرخاء في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وخارجها”.

وفي هذه البرقية، ذكر الملك بأن العلاقات الثنائية بلغت، فترة ولاية ترامب السابقة، مستويات غير مسبوقة تميزت باعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على كامل ترابها في الصحراء، مسجلا أن هذا الموقف التاريخي، “الذي سيظل الشعب المغربي ممتنا لكم به، يمثل حدثا هاما ولحظة حاسمة، ويعكس بحق مدى عمق روابطنا المتميزة والعريقة، ويعد بآفاق أرحب لشراكتنا الاستراتيجية التي ما فتئ نطاقها يزداد اتساعا”.

ومما جاء في برقية الملك أيضا “وسيرا على نهجنا الدؤوب في التصدي لمختلف التحديات الإقليمية والعالمية الشائكة، سيظل المغرب صديقا وحليفا مخلصا للولايات المتحدة. وفي هذا الصدد، يسعدني أن أعرب لكم عن تطلعي إلى مواصلة العمل سويا معكم من أجل النهوض بمصالحنا المشتركة وتعزيز تحالفنا المتفرد في مختلف مجالات التعاون”.

هذه الشراكة الواعدة تشمل مجالات متعددة، تمتد من مجلس الأمن إلى مناورات “الأسد الإفريقي” العسكرية، مرورا بقطاع التجارة والاستثمارات، والابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي وأيضا الحرب ضد الإرهاب.

وفي واشنطن، يبرز الدور الذي يضطلع به المغرب، تحت القيادة المستنيرة للملك محمد السادس، بصفته “مصدرا للسلام” والاستقرار في منطقة تواجه تحديات شتى.

هذه السنة، خلدت الرباط وواشنطن الذكرى الـ20 لحدثين رئيسيين في علاقاتهما: اتفاقية التجارة الحرة، الوحيدة من نوعها التي أبرمتها الولايات المتحدة مع بلد إفريقي، والمناورات العسكرية “الأسد الإفريقي”، التي تعد أكبر تمرين عسكري تجريه الولايات المتحدة في القارة الإفريقية.

يجري البلدان مشاورات سياسية بشكل دائم، وتشمل كافة محاور الشراكة الاستراتيجية ومتعددة الأشكال، إلى جانب مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وذلك في سياق جيوسياسي يستدعي توفير حلول شاملة وتوطيد التعاون.

وفي هذا الصدد، تثمن الولايات المتحدة “الدور الحيوي” الذي يضطلع به الملك محمد السادس في “النهوض بالسلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط”.

وكما يؤكد ذلك رئيس الدبلوماسية الأمريكية، أنتوني بلينكن، تبرز الإدارة الأمريكية، في مناسبات عدة، الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لشراكتها مع المغرب، خاصة في مجال النهوض بالاستقرار الإقليمي وعلى صعيد القارة الإفريقية.

على صعيد التجارة والاستثمارات، أضحت الشركات الأمريكية أكثر اطلاعات على مختلف الامتيازات التي يتيحها الاستثمار في المغرب. فالمملكة تفرض مكانتها باعتبارها منصة مثالية للتوسع على الصعيد الدولي وبوابة نحو سوق تضم أزيد من 2.3 مليار مستهلك في إفريقيا وأوروبا وخارجهما.

هذا الأفق يكتسي أهمية أكبر بالنظر للفرص التي يتيحها اتفاق التجارة الحرة الذي يربط بين الرباط وواشنطن، وكذا امتيازات الاستثمار في المغرب، باعتباره بلدا “آمنا وذا مردودية وتنافسيا” بالنسبة للشركات التي تسعى إلى الاستفادة بشكل كامل من دينامية السوق الوطنية وفرص النمو الهامة المتاحة في القارة الإفريقية وأوروبا المجاورة.

تذكر المجلة الإلكترونية لوزارة الخارجية الأمريكية بأن المملكة تعمل، بوتيرة سريعة، على تحديث بنياتها التحتية واقتصادها بغية تثمين دورها باعتبارها قطبا استراتيجيا ووجهة سياحية عالمية، مضيفة أن الولايات المتحدة ستواصل الالتزام بشراكتها مع المغرب، البلد “الجار والحليف والصديق الأطلسي لأمريكا”.

هذا التعاون المكثف يتجلى كذلك من خلال مكافحة الإرهاب والتطرف. في تقريرها الأخير، سلطت وزارة الخارجية الأمريكية، الضوء، مجددا، على الاستراتيجية الشاملة التي ينهجها المغرب في مجال مكافحة هذه الآفة، التي تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية ومكافحة التطرف”، مع السهر على تأطير الحقل الديني.

كما أن التزام المملكة بمكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي يحظى بتقدير الولايات المتحدة، التي تشيد بتعاونها الوثيق مع المغرب بصفته عضوا في التحالف الدولي ضد داعش ورئيسا مشاركا لمجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا. هذه الهيئة تضطلع بدور مركزي في تنسيق الجهود الإقليمية الرامية إلى التصدي للتهديدات الإرهابية في القارة، من خلال مساعدة البلدان الإفريقية على تعزيز قدراتها في مجال مكافحة الجماعات الإرهابية الناشئة.

واليوم، أضحت الآفاق واعدة بشكل أكبر، أمام العلاقات بين واشنطن والرباط على الصعيد السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، بما يخدم مصلحة البلدين وبقية العالم.

فالشراكة المغربية الأمريكية، كما يلاحظ سفير المغرب بواشنطن، يوسف العمراني، “تتطور بشكل طبيعي، يحفزها في ذلك سعي حثيث على ضفتي المحيط الأطلسي من أجل منح دفعة أقوى وأعمق لمسيرتنا المشتركة نحو مزيد من التقدم والابتكار والتعاون الفاعل”.