من المسؤول عن إهانة وتشريد أعوان الحراسة والنظافة بوزارة التربية الوطنية؟

هاشتاغ
في وقت تُرفع فيه الشعارات الرنانة حول إصلاح المدرسة العمومية، وتُصرف الميزانيات بالملايير على المخططات والبرامج، يظل أعوان الحراسة الخاصة وأعوان النظافة والطبخ في المؤسسات التعليمية مجرد “تفاصيل مزعجة” تتجاهلها الوزارة، وتتركها فريسة للمجهول، دون أجر منتظم، ولا حماية قانونية، ولا حتى اعتراف بدورهم الحيوي في سيرورة الحياة المدرسية اليومية.

النائبة البرلمانية قلوب فيطح، وضعت الأصبع على الجرح، ووجّهت سؤالًا كتابيًا لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بخصوص التأخر الفاضح في صرف أجور هؤلاء الأعوان، الذين يُفترض أن يحصلوا على رواتبهم في وقتها، لا أن يعيشوا تحت رحمة شركات المناولة التي تتفنن في استغلالهم، والطرد التعسفي الذي بات قاعدة وليس استثناء.

ما يحدث هو إهانة مكتملة الأركان لكرامة فئة تُشكّل العمود الفقري غير المرئي للمؤسسات التعليمية. كيف يعقل أن نطالب بجودة التعليم، بينما من يؤمّن نظافة المدارس، ويحرص على حمايتها، ويطهو وجبات أطفالنا، لا يجد ما يسد به رمق أسرته في نهاية الشهر؟

التأخر في صرف الأجور ليس مجرد خطأ إداري، بل هو اعتداء موصوف على الحقوق الدستورية، ومشاركة مباشرة في إنتاج الفقر والهشاشة. والوزارة، بتقاعسها المستمر، تتحول إلى شريك صامت في هذا الاستغلال المقنّن. من يجرؤ على الحديث عن “ورش الدولة الاجتماعية” وهو لا يضمن أبسط الحقوق لفئات تُكافح في صمت؟

المؤسف أكثر، أن العديد من الأعوان يُطردون دون أي احترام للمساطر القانونية، في غياب تام للرقابة أو المحاسبة. شركات المناولة تسرح وتمرح، بينما الوزارة تغض الطرف، مكتفية بدور المتفرّج، في مشهد يُلخّص منطق الدولة حين تُفرّط في أبنائها البسطاء.

الكرة اليوم في ملعب وزير التربية الوطنية، الذي لم يعد أمامه سوى خيارين: إما أن يتحمل مسؤوليته السياسية والأخلاقية، ويضع حدًا لهذه المهزلة التي تُلطخ صورة المدرسة العمومية، أو أن يكتفي بترديد الخطب الجوفاء، وترك “الجنود المنسيين” يواجهون مصيرهم بكرامة مهدورة.

فهل سيتحرك الوزير؟ أم أن هذه الفئة ستظل مجرد هامش لا يستحق الالتفات، رغم أنها أول من يدخل المدرسة وآخر من يغادرها؟