دخلت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس مجلس المستشارين على خط الجدل المتصاعد حول فرض رسوم سنوية للتسجيل في سلك الدكتوراه بعدد من الجامعات العمومية، في خطوة وُصفت بأنها تمس بجوهر الحق في التعليم وتضع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ميداوي عز الدين في موقف حرج.

وفي هذا السياق، وجّه المستشار البرلماني خالد السطي سؤالًا كتابيًا إلى الوزير، كشف فيه أن عدداً من الكليات والمؤسسات الجامعية العمومية أقدمت خلال الآونة الأخيرة على فرض رسوم مالية سنوية للتسجيل أو إعادة التسجيل في سلك الدكتوراه، مستهدفة فئات بعينها، خصوصاً الموظفين والأجراء وأصحاب المهن الحرة، تحت ذريعة “الاستفادة من التوقيت الميسر”، مع ربط القبول أو الاستمرار في الدراسة بأداء هذه الرسوم.
واعتبر السطي أن هذا التوجه يشكل تراجعاً خطيراً عن مبدأ مجانية التعليم العمومي، ويفتح الباب أمام منطق الإقصاء المالي داخل الجامعة، في تناقض صارخ مع الخطاب الرسمي الذي يرفع شعار تشجيع البحث العلمي وجعله رافعة للتنمية والسيادة العلمية والتكنولوجية.
وأكد المستشار البرلماني أن فرض رسوم انتقائية في سلك الدكتوراه يتعارض بشكل واضح مع دستور 2011، ولا سيما الفصل 31 الذي يضمن الحق في التعليم على أساس المساواة وتكافؤ الفرص، معتبراً أن التمييز بين الطلبة على أساس وضعهم الاجتماعي أو المهني يمس بجوهر هذا الحق الدستوري.
وعلى المستوى الدولي، شدد السطي على أن هذه الإجراءات تخالف التزامات المغرب بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة المادة 13 التي تنص على إتاحة التعليم العالي للجميع على قدم المساواة، وبمختلف الوسائل المناسبة، بما فيها التدرج نحو مجانية التعليم.
وزاد الملف تعقيداً صدور حكم قضائي عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 3 دجنبر، قضى بإيقاف تنفيذ قرار صادر عن مجلس جامعة محمد الأول، كان يقضي بفرض رسوم التسجيل في سلك الدكتوراه على الطلبة الموظفين، معتبراً أن القرار يفتقر إلى سند تشريعي صريح ويمس بمبدأ المساواة.
وفي ضوء هذا الحكم، طالب السطي وزير التعليم العالي بالكشف عن الأساس القانوني أو التنظيمي الذي تستند إليه بعض الجامعات لفرض هذه الرسوم، وتوضيح موقف الوزارة من الحكم القضائي الصادر، وما إذا كانت تعتزم تعميم مضامينه على باقي الجامعات لتفادي سيل من المنازعات القضائية.
كما دعا إلى تدخل عاجل وحازم لوضع حد لما وصفه بـ“الفوضى التنظيمية” داخل سلك الدكتوراه، عبر إصدار تدابير تشريعية وتنظيمية واضحة وملزمة، تضمن توحيد شروط الولوج والتسجيل، وتحمي مبدأ مجانية التعليم العمومي.
ويجمع متابعون على أن صمت وزارة التعليم العالي إزاء هذا الملف يفاقم الاحتقان داخل الوسط الجامعي، ويطرح علامات استفهام كبرى حول توجهات الوزير ميراوي، الذي بات متهماً بفتح الباب أمام “تسليع” سلك الدكتوراه، وضرب أحد آخر معاقل تكافؤ الفرص داخل الجامعة العمومية المغربية.







