في قلب الأحداث التي تضرب الأوساط السياسية في أكادير، تتكشف تفاصيل ملف يُثقل كاهل نائبه الأول مصطفى بودرقة، الذي ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا بعزيز أخنوش وحزب التجمع الوطني للأحرار. إذ لم يكن وصوله إلى المنصب إلا نتيجة لقربه من رئيس الحكومة، حتى لُقّب بـ”رجله المدلل”. والآن يواجه بودرقة سلسلة من الاتهامات الخطيرة، منها النصب والاحتيال وخيانة الأمانة والتزوير، استندت إلى تحقيقات مطولة كشفت عن شبكة معقدة من المصالح المتداخلة والاختلالات المالية.
فقد اتخذ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير إجراءات قانونية ضد بودرقة، في إطار نزاع مالي مع شريكه في شركة خاصة، رجل أعمال مغربي مقيم بسويسرا يُدعى محمد ك. حيث يُتهم بودرقة بتبديد مبلغ يصل إلى 30 مليون درهم من أموال الشركة.
ويُذكر أن بودرقة، الذي يمتلك 30% من أسهم الشركة، استغل توقيعه الفردي على الوثائق المحاسبية والإدارية لتنفيذ معاملات مثيرة للريبة، ما أسفر عن خسائر مالية فادحة أدت إلى تقييد مشروع “سانتر بلاج” رهناً بقرض يفوق 30 مليون درهم دون فوائد.
ومن الناحية القانونية، تُعاقب مثل هذه الأفعال بموجب نصوص القانون الجنائي المغربي؛ ففي الفصل 540 يُعاقب من يستخدم وسائل احتيالية لإيقاع شخص في خطأ يؤدي إلى تسليمه أمواله، بينما يُعاقب الفصل 547 على خيانة الأمانة بالسجن والغرامات. كما يواجه مرتكبو التزوير وفق الفصل 357 عقوبات صارمة في حال ثبوت تعديل أو تلاعب غير قانوني في الوثائق الرسمية.
ولم تقتصر الفضيحة على هذه التهم المالية فحسب، إذ تتصاعد أيضاً اتهامات بشأن تفويت مرائب السيارات في أكادير مقابل عمولات مشبوهة، بالإضافة إلى شبهات حول استيلاء على ميزانية مخصصة لعمال النظافة. ما يزيد من حدة المخاوف حول استغلال النفوذ المالي والسياسي في إدارة الشؤون العامة.
وفي خضم هذه العاصفة، قام بودرقة بنفي جميع الاتهامات، معتبراً أن ما يُنشر من أخبار هو محاولة لتشويه سمعة المجلس الجماعي، مشدداً على أن النزاعات المدنية بين أعضاء المجلس، الذين ينحدرون من القطاع الخاص ويمتلكون شركاتهم الخاصة، أمر طبيعي في أجواء التنافس الاقتصادي.
ومن اللافت للنظر أن عزيز أخنوش، سواء في دوره كرئيس لجماعة أكادير أو كزعيم حزبه، لا يزال يتخذ موقف الصمت فيما يخص هذه القضية، ما أثار تساؤلات حول إمكانية تدخل شخصيات نافذة في تغطية الملابسات. وقد أكدت مصادر داخل حزب التجمع الوطني للأحرار أن أخنوش يشعر بخيبة أمل عميقة تجاه تطورات القضية التي وصلت إلى المحاكم، مع مخاوف من أن تُستغل هذه الفضيحة ورقة ضغط من قبل المعارضة، خاصة مع اقتراب مواعيد الانتخابات.