نارسا” تهدر مئات الملايين على الورق.. والرقمنة تُدفن في رفوف الشعارات!

هاشتاغ _ محسن النياري

خصصت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (NARSA) ما مجموعه 3,414,420.00 درهم، في صفقة أثارت تساؤلات واسعة، تتعلق بتحرير وطباعة الوثائق والوسائط التواصلية لفائدة الوكالة، وذلك في وقت تُشدد فيه الحكومة على ضرورة اعتماد الرقمنة لتقليص النفقات وتحسين الأداء.

وكشفت وثيقة، يتوفر عليها موقع “هاشتاغ”، أن عملية فتح الأظرفة المتعلقة بهذه الصفقة، التي تحمل رقم 34/NARSA/2024، أقيمت في ثلاث جلسات، الأولى يوم الثلاثاء 19 نونبر 2024، والثانية يوم الأربعاء 20 نونبر 2024، وأخيراً يوم الجمعة 06 دجنبر 2024 بمقر الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية في الرباط.

وحسب الوثائق التي اطلع عليها الموقع، فقد شارك في طلب العروض 11 شركة، وهي: شركة GOTED IMPRIMERIE، شركة YOUR EDITION، شركة JOLY PRESS، شركة AROUND PRINT، شركة DIFFUSION.COM، شركة BC-COM، شركة IMPRIMERIE PAPETERIE ET NEGOCIANT KARAOUIYINE، شركة MODERN PRINT، شركة CAMELEON STUDIO، شركة ALPHA BUREAU، وشركة EDITION ET IMPRESSION BOUREGREG.

وفقاً للوثائق ذاتها، استبعدت لجنة طلب العروض شركة EDITION ET IMPRESSION BOUREGREG بعد فحص الملفات الإدارية والتقنية، فيما تم قبول العروض المقدمة من باقي الشركات دون تحفظ. أما على مستوى العروض المالية، فقد استبعدت اللجنة عرض شركة GOTED IMPRIMERIE رغم أنه كان ضمن المنافسة الأولى، حيث بلغ 3,426,000.00 درهم.

وحُسمت المنافسة لصالح شركة YOUR EDITION، التي قدمت عرضا ماليا بقيمة 3,414,420.00 درهم، حيث اعتبرت اللجنة أن هذا العرض المالي هو الأكثر تنافسية.

ويُثير تخصيص أكثر من 300 مليون سنتيم لطباعة الوثائق والمنشورات تساؤلات عميقة حول جدوى هذا الإنفاق، خاصة في ظل الدعوات الحكومية المستمرة لاعتماد الرقمنة كوسيلة لتقليص النفقات وتحسين الأداء الإداري. فالاستمرار في الطباعة الورقية بهذا الحجم المالي يبدو متناقضاً مع توجهات الدولة نحو التحول الرقمي، الذي يُفترض أن يكون أكثر كفاءة وأقل كلفة.

ويرى منتقدون أن هذه الصفقة تعكس غياب رؤية استراتيجية لتحديث وسائل التوعية، حيث كان بالإمكان توجيه هذا المبلغ الكبير نحو الاستثمار في منصات رقمية أو تطبيقات مبتكرة قادرة على الوصول إلى الجمهور بكفاءة أكبر وبتكاليف أقل. ويؤكد هؤلاء أن الرقمنة ليست مجرد شعار، بل ضرورة ملحّة لتحسين استخدام المال العام، وتجنب تبديده على وسائل تقليدية تجاوزها الزمن.