نار الصراع تشتعل.. والسكوري يواجه الظهير الملكي بيد من حديد عبر تحجيم صابيري

في ظل تطورات متسارعة وغير معهودة داخل وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، تعيش الساحة السياسية على وقع صراع صامت لكنه بالغ الدلالة بين الوزير يونس السكوري وكاتب الدولة المكلف بالشغل هشام صابيري المعين بظهير ملكي سامٍ.

تعيين هشام صابيري في هذا المنصب جاء في سياق تعزيز آليات الحكامة القطاعية وتمكين الحوار الاجتماعي من أفق مؤسساتي واضح حيث أسندت إليه بموجب الظهير الملكي مهمة الإشراف المباشر على قطاع الشغل بما في ذلك الحوار الاجتماعي والتشغيل والعلاقة مع الشركاء الاجتماعيين.

غير أن ما وقع لاحقاً كشف عن خلل عميق في انسجام الأداء الحكومي فبدل أن يتم التنسيق بشكل طبيعي بين الوزير والكاتب المكلف اتجهت الأمور نحو القطيعة والإقصاء حيث عمد الوزير السكوري بحسب مصادر مطلعة الى تعطيل المهام الرسمية لصابيري، سواء من خلال منعه من الولوج إلى الملفات والقضايا الأساسية أو عبر رفض تمكينه من مقر إداري خاص ومستقل أو ميزانية تسيير، أو طاقم تقني وإداري يليق بمكانته الحكومية.

الأخطر من ذلك هو تنظيم الوزير للقاء مع النقابات يوم 27 ماي مباشرة قبل لقاء كان هشام صابيري يعتزم تنظيمه يوم 28 ماي في إطار تفعيل دوره، ما اعتُبر رسالة سياسية واضحة تهدف إلى تفريغ مهمته من مضمونها.

ما يزيد من خطورة هذا الوضع أن الأمر لا يتعلق بخلاف شخصي، بل بموقف ضمني يمكن وصفه بكونه احتقاراً للظهير الملكي الذي أسند لصابيري مهمته.

وهو ما يطرح سؤالاً دستورياً محورياً: هل يحق لوزير داخل حكومة دستورية أن يعطّل ظهيراً ملكياً سامياً؟ وأين هي مسؤولية رئيس الحكومة في فرض الانضباط داخل الجهاز التنفيذي، وضمان احترام التراتبية المؤسساتية المنصوص عليها دستورياً؟

وسط هذا المشهد المرتبك يبرز هشام صابيري كشخصية سياسية تحظى باحترام واسع في الأوساط النقابية حيث تعتبره المركزيات النقابية محاوراً جاداً ومتفهما لقضايا الشغيلة ويتمتع بعلاقات ثقة متميزة معها منذ تعيينه.

كما أن صابيري يحظى أيضاً بتقدير كبير من طرف عدد مهم من البرلمانيين، الذين يرون فيه شخصية متوازنة وكفؤة قادرة على خلق الجسور بين الحكومة والهيئات التمثيلية.

وداخل حزبه، يلقى صابيري دعماً لافتاً من قواعد وأطر حزب الأصالة والمعاصرة الذين ينظرون إليه كوجه شاب يحمل نفساً إصلاحياً ومصداقية سياسية عزّ نظيرها داخل الحكومة.

في المقابل يبقى صمت رئيس الحكومة أمام هذه التجاوزات مثيراً للاستغراب خاصة في ظل السياق السياسي الراهن الذي يتطلب وضوحاً في المواقف واحتراماً دقيقاً لمضامين التعيينات الملكية التي تشكّل العمود الفقري للشرعية داخل مؤسسات الدولة.

فالصراع المفتوح – أو المسكوت عنه – بين السكوري وصابيري، لا يمس فقط بنجاعة التدبير داخل الوزارة بل يُسيء لصورة العمل الحكومي برمّته ويطرح علامات استفهام حول الالتزام الحقيقي بروح الدستور واحترام المؤسسات.

إن هشام صابيري، وإن وجد نفسه في موقع معطّل عن ممارسة مهامه لا يزال يحتفظ بشرعية مزدوجة: شرعية الظهير الملكي الذي عيّنه وشرعية الاحترام والتقدير الذي يحظى به لدى النقابات والبرلمان وداخل حزبه.

أما الوزير السكوري، فإن استمراره في هذا النهج قد يضع المؤسسة التنفيذية في مواجهة مساءلة أخلاقية وسياسية أمام الرأي العام والمؤسسات العليا في البلاد.