أظهرت الأرقام الأخيرة التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط تراجعًا ملحوظًا في النمو السكاني بالمغرب، وهو ما وصفه أستاذ علم الاجتماع علي شعباني بالمفاجئ والصادم، خاصة في ظل التوقعات التي كانت تشير إلى أن عدد السكان سيبلغ أربعين مليون نسمة. وقد أظهرت نتائج الإحصاء الوطني الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط أن عدد السكان القانونيين للمملكة بلغ 36.828.330 نسمة في فاتح شتنبر 2024، منهم 36.680.178 مغربي و148.152 أجنبيًا.
في هذا السياق، أكد شعباني في تصريح صحفي أن هذه الأرقام أثارت الكثير من الجدل والتأمل، وستفتح الباب لدراسة العوامل والأسباب التي أدت إلى هذا التراجع، فضلاً عن تأثيراته على المجتمع المغربي. وأشار إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الهرم السكاني في المغرب مستقيماً، مع قاعدة عريضة ووسط هرمي متوسط الحجم، ضيقًا في الأعلى، أصبح اليوم مقلوبًا. ففي هذا النموذج الجديد، تزايد عدد كبار السن في قمة الهرم، مما يطرح إشكالية الشيخوخة وما تسببه من تحديات اجتماعية واقتصادية.
كما أبرز شعباني أن هذا التغير في الهيكل السكاني يطرح إشكالية كبيرة تتعلق باليد العاملة، إذ مع شيخوخة الساكنة، يقل عدد الفئات العاملة التي تشكل العمود الفقري للمجتمع. وبالتالي، تقع على هذه الفئة عبء وضغط كبير من الفئات الموجودة في الأسفل مثل الطفولة والشباب الذين لم يصلوا بعد إلى سن الإنتاج والمشاركة الاقتصادية، ومن الأعلى كبار السن الذين خرجوا من فئة المنتجين.
وأدى ذلك إلى طرح تساؤل كبير حول قدرة الفئة العاملة على تلبية حاجيات المجتمع والمساهمة في تطويره ونموه، في ظل هذه التحديات المتزايدة. هذه هي الأسئلة الأولى التي ستطرحها الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، والتي تتطلب تحليلًا معمقًا للواقع الديموغرافي في المغرب وأثره على المستقبل.