هاشتاغ
في وقت تتصاعد فيه أرقام حوادث السير بالمغرب بشكل مقلق، خرج وزير النقل واللوجستيك عبد الصمد قيوح، خلال اجتماع اللجنة الدائمة للسلامة الطرقية، للإعلان عن ما وصفه بـ”خطة العمل الصيفية للحد من الحوادث”، غير أن مضامين هذه الخطة لم تخلُ من مفارقة صادمة؛ إذ بدا الوزير وكأنه يقدم حلولًا بدائية موجودة أصلًا على أرض الواقع، لتُطرح تساؤلات مشروعة حول مدى جدية الطرح الوزاري ومدى إدراكه للواقع الميداني.
قيوح تحدث عن “تشديد المراقبة على السرعة داخل وخارج المدار الحضري”، و”مراقبة الخوذات والدراجات والشاحنات”، إلى جانب “الاستعانة بكاميرات المراقبة”… وهي إجراءات تمارسها يوميًا المصالح الأمنية والدرك الملكي والسلطات الترابية منذ سنوات، فهل نسي الوزير أن هذه الآليات معمول بها فعليًا؟ أم أنه يحاول بيع ما هو موجود وكأنه اختراع جديد؟
الأدهى من ذلك أن التصور الرسمي المقترح لا يتطرق بأي شكل إلى جوهر المعضلة؛ فحوادث السير ليست فقط نتيجة سلوك سائق، بل أيضًا نتيجة طرق محفّرة، وبنية تحتية مهترئة، وغياب الإشارات المنظمة، ورداءة الإنارة، وتقادم وسائل النقل العمومي. وهي عناصر لم يخصّها الوزير بأي مقترح عملي.
في ظل تسجيل أزيد من 143 ألف حادثة سير جسمانية في سنة 2024، بزيادة تجاوزت 16% مقارنة بسنة 2023، كان المنتظر من وزير النقل أن يتحدث عن مشاريع إصلاح وتأهيل الطرق، وتحفيز الجماعات على تحديث العلامات الطرقية، وتطوير التشوير الأفقي والعمودي، والرفع من جودة الطرق القروية والحضرية، بدل التمترس خلف إجراءات شكلية يتم تطبيقها سلفًا، دون أن تثمر الحد من النزيف الدموي على طرقات المملكة.
كما أن التلويح بـ”لجان اليقظة” و”الزجر بالكاميرات” و”تحفيز ثقافة السلامة” يبدو غير كافٍ في سياق أرقام سوداء ومآسٍ يومية. المطلوب اليوم ليس إعادة تدوير الإجراءات الكلاسيكية، بل إصلاحات جذرية وهيكلية، ومحاسبة مؤسساتية لكل طرف متقاعس عن أداء دوره.
وفي انتظار تحوّل في الفهم المؤسساتي لأسباب الكارثة المرورية، تبقى “خطة الوزير” خطوة أخرى في مسلسل التوصيات المتكررة، التي لا تغيّر شيئًا من واقع الطرقات… ولا من واقع الأرواح التي تزهق كل يوم.