أصدرت المنظمة الديموقراطية للشغل خلال الفترة الأخيرة تقريراً عن حصيلة القطاع السياحي بالمغرب لسنة 2021، والذي أظهر كساد وإفلاس عدد من المقاولات السياحية، وضياع وفقدان الآلاف من الوظائف.
ودعت النقابة حكومة أخنوش الى الإلتفاف الفعلي حول وضعية القطاع السياحي بالمغرب، الذي يمر من مرحلة حرجة وصعبة جدا يهددها شبح الافلاس التام، من خلال تنظيم مناظرة وطنية وحوار اجتماعي مؤسساتي، باشراك كافة المهنيين والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين لإعادة تشكيل شامل للمنظومة السياحية الوطنية حتى يتسنى لها تجاوز التداعيات السلبية لجائحة كورونا على القطاع والحفاظ على تدفقات الحركة السياحية على بلدنا والإسراع اتخاد التدابير من شأنها أن تحافظ على استدامة القطاع وأن تساعد الشركات على تجاوز آثار هذه الجائحة. ووضع خريطة الطريق للإنقاذ وإنعاش القطاع السياحي برؤية استباقية واستشرافية في اطار النموذج التنموي الجديد الهادف الى تطوير الصناعة السياحية الوطنية وبإشراك المهنيين. وتحديث الاستراتيجية الوطنية في الحقل السياحي، والانفتاح على التجارب الدولية والعربية والافريقية.
كما دعت النقابة الى تقديم الدعم لكافة المتضررين وإعفاء المتداخلين في السياحة من مساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتحملات الاجتماعية ،وتأجيل سداد مستحقات الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل إلى غاية نهاية سنة 2022 بعد رفع حالة الطوارئ الصحية بشكل كامل ،وتأجيل سداد القروض لمدة سنة أخرى دون فوائد لصالح الشركات السياحية.
وجاء في تقرير المنظمة الديموقراطية للشغل فيما يخص قطاع السياحة أن حصيلة سنة 2021 في المجال السياحي لم تخرج بعد عن قاعدة الكساد والإفلاس لعدد من المقاولات النشيطة في هذا المجال الحيوي والهام في منظومتنا الاقتصادية حيث واجهت مكونات الصناعة السياحية ببلادنا عدة صعوبات دات الصلة بالظرفية الوطنية والدولية الناتجة عن تداعيات كوفيد -19 والتي كانت لها اثار اقتصادية واجتماعية قوية على دينامية القطاع السياحي ببلادنا. و تعتبر السياحة بالفعل من أكثر القطاعات تضررا بسبب القيود المفروضة على الأنشطة المرتبطة بها، على غرار النقل الجّوي والبحري والمؤسسات الفندقيّة والنوادي والمطاعم والنقل السياحي والصناعة التقليدية، وغيرها حيث تراجع مؤشرات النشاط السياحي بما يقارب 70 في المائة مند بداية سنة 2020.
فمنذ بداية سنة 2020 ظلت كافة مكونات السياحة الوطنية والمتمثلة اساسا في الفنادق والنقل السياحي والمطاعم السياحية والنوادي ووكالات الأسفار والمرشدين السياحيين والصناعة التقليدية، وأرباب كراء السيارات، تعيش ازمة خانقة بفعل قيود حالة الطوارئ الصحية خاصة بعد إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية في وجه السياحة العالمية ، بل حتى السياحة الداخلية الضعيفة أصلا، لم تسلم من قيود حالة الطوارئ الصحية و فرض جواز التلقيح للسفر والتنقل .
وتابعت النقابة أنه أمام صمت وعجز حكومي عن تقديم الدعم للتخفيف من معاناة القطاعات السياحية دات الصلة التي ظلت بدورها عاجزة وغير قادرة على الصمود أمام اثار و خطورة هذه التداعيات والتحديات المختلفة التي كرستها جائحة كوفيد -19 . فتراكمت عليها ديون الأبناك والتحملات الاجتماعية و أجور العاملين ونفقات الصيانة والتأمينات … فتعرض بعضها للإفلاس التام والبعض الآخر يهدده شبح الافلاس، خاصة في غياب الدعم او ضعفه أو الحرمان منه. مما جعل العديد من المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة متوقفة غير قادرة على سداد ديونها تعاني في قاعة الانتظار او تحتظر في الانعاش.
وجدير بالذكر أن الصناعة السياحية بلادنا تعتبر الى يومنا إحدى أشدّ الصناعات تضرراً بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تسببت في مخلفات غير مسبوقة، وخسائر مهولة للحركة السياحية في والقطاعات والخدمات ذات الصلة بها.. فعلى مدار السنتين 2020 و2021 و منذ ظهور هذه الجائحة، ببلادنا في مارس 2020 دخلت المنظومة السياحية ببلادنا في أزمة خانقة تترجمها أرقاماً ومؤشرات مخيفة جدا على المستوى الاقتصاد الكلي : حيث سجلت الحركة السياحية تراجعاً كبيرا في عدد السياح الأجانب، وأدى الانخفاض الحاد في حركة السفر الدولي إلى خسارة كبيرة لكل المكونات السياحية من نقل سياحي وفنادق ومطاعم و نوادي … تكبدت على إثرها خسارة كبيرة بسبب الازمة الصحية حيث عاني قطاع السياحة في المغرب من تداعيات جائحة كورونا، حيث خسر نحو 4 مليارات دولار خلال العام الماضي، وتوقف حركة النقل الدولي الى المغرب و التي لاتزال قيودها مستمرة الى اليوم وكان من نتائجها إغلاق عدة فنادق في مراكش وأكادير وفاس و الدار البيضاء، كما تم إغلاق عدة نوادي و مطاعم سياحية وإفلاس نسبة كبيرة من النقل السياحي حيث ان ما يقارب 600 مهني متابع لدى المحاكم بسبب قروض الأبناك وعجزهم عن الاداء بسبب توقف الحركة السياحية ، وتعرض ما يتراوح ما بين 50 % الى 100% من الوظائف الى الضياع في الفنادق والمطاعم والنقل السياحي ، و وبعضها معرض حاليا لخطر الاستغناء والتسريح الجماعي والتشرد في اطار التداعيات السلبية لوباء كوفيد – 19 ، التي عرضت نحو 80 % من فرص العمل للخطر. وقد أدت أزمة فيروس كورونا إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل بالمغرب الى ازيد من 12 %.
وفي هذا السياق وجب التأكيد على الدور المحوري الذي تمثله السياحة المستدامة التي تجعل من المغرب بلدا رائدا في مجال السياحة الطبيعية و البيئية والدينية والثقافية والترفيهية والطبية والصحية .
فالصناعة السياحية تعتبر المحرّك الرئيسي والديناميكية الحيويّة لتطوّراقتصاد بلادنا الذي يوفّر فرص العمل ليس فقط في مجال السياحة والصناعة وإنما في مجال المقاولات التي ستساعد في تشكيل دعم دائم ومستدام لهذه الصناعة السياحية، التي لا تُعد مصدراً حيوياً للعملة الصعبة فقط للتنمية المستدامة لبلادنا بل انها تمثل اكبر بوابة لخلق فرص الشغل.
فحسب تقرير للأمم المتحدة، أن قطاع السياحة يوظف واحدا من كل 10 أشخاص، وتوفير الدخل للنساء والشباب بشكل ملحوظ.
علما أن قطاع الصناعة السياحة بالمغرب يعتبر من أهم وأكبر القطاعات الاقتصادية الوطنية ، حيث يساهم بنسبة تفوق 7% في الناتج المحلي الاجمالي . كما تعد واحداً من أكبر مصادر جلب العملة الصعبة إلى البلاد، إضافة إلى تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج. حيث تشير آخر الإحصاءات قبل انتشار وباء كورونا خلال سنة 2019، إلى أن عدد الوافدين إلى مراكز الحدود من السياح غير المقيمين فاق 13 مليون سائح، وقد وصل عدد ليالي المبيت المسجلة بالفنادق والشقق السياحية المصنفة 25.2 مليون خلال سنة.
وقد ناهزت العائدات المحصلة من قبل السياح غير المقيمين الذين حلوا بالمغرب سنة 2019، من دون احتساب مصاريف النقل الدولي، حوالى 78.6 مليار درهم اي ازيد من 8 مليار دولار حسب احصائيات وزارة السياحة.
كما يعد واحداً من اقوى المجالات خلق فرص الشغل، إذ أسهمت في خلق أكثر من 500 ألف منصب شغل مباشر سنة 2019، أي ما يعادل خمسة في المئة من إجمالي نسبة العمل في القطاع الاقتصادي.
و منذ سنة 2020 عرف القطاع تراجعات خطير وخسائر فادحة تجاوزت 24 مليار درهم أي أزيد من 4 مليار دولار حسب مديرية الدراسات والتوقعات المالية بسبب إغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية ، فضلا عن التدابير الاحترازية من قبيل فرض رخص للتنقل، ومنع الحفلات والأسفار وغلق الملاهي والأماكن السياحية. مما كان له أثّر سريعاً في تعاملات الفنادق التي فقدت ملايين الحجوزات سنة 2021. تكبد معها القطاع السياحي خسائر كبيرة في ظل تراجع مداخيله بأكثر من 70 في المائة. مما انعكس سلباً على أوضاع ارباب ومهنيي النقل السياحي والفنادق والمطاعم والمرشدين السياحيين وكافة العاملين الذين تعرض بعضهم للتسريح و إلغاء العقدة رغم التعويضات للمسجلين في الضمان الوطني الاجتماعي التي لا تتعدى 2000 درهم .كما ظل النقل السياحي أكبر المتضررين من الجائحة كورونا بعد قرار إغلاق الحدود حيث يتابع أزيد من 600 مهني وإفلاس أزيد من 30 في المائة منهم . و اضطر آخرون لبيع عرباتهم من أجل تغطية نفقات العيش و35 في المئة من العربات تمت أو سيتم مصادرتها بسبب أحكام لفائدة مؤسسات القروض والبنوك، فضلا عن مصاريف للصيانة والتأمين.
فعدد كبير من المقاولات السياحية الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على حافة الإفلاس في غيا ب الدعم الحكومي الاستثنائي، ولا دعم لجنة اليقظة التي كلفت من طرف جلالة الملك بتدبير صندوق الجائحة، خصوصاً الشق المتعلق بإلغاء، الضرائب و بتأجيل سداد الديون الذي جاء ضمن مقتضيات عقد البرنامج 2020 – 2022، ولا تزال المؤسسات المالية تطالب المقاولات بتسديد ديونها بفوائد وهي متوقفة بسبب الاغلاق وحالة الطوارئ.
وطالبت النقابة من رئيس الحكومة عزيز أخنوش الى عقد جلسة للحوار الاجتماعي مستعجل بين كافة الفر قاء الاقتصاديين والاجتماعين المعنيين بالصناعة السياحية الوطنية من اجل البحث عن الحلول المشتركة لانعاش القطاع السياحي في ظل الازمة التي حلت به جراء انتشار جائحة كوفيد – 19 من اجل تخفيف حالة الإغلاق و المساعدة على العودة الآمنة لحركة السياحة والسفر و اتخاذ خطوات تحفيزية لإعادة النشاط إلى القطاع وتشجيع السياحة الداخلية عبر عروض مغرية وتفضيلية، لإعادة الحياة لشرايين السياحة المغربية خلال المرحلة القريبة المقبلة وتشجيع السياحة الاجتماعية والتضامنية والقيام بحمالة ترويجية مخصصة للنهوض بالسياحة الوطنية والمحلية وملائمة لخصوصيات المستهلك المغربي ،مع تخفيض الأسعار وتحسين جودة الخدمات في مختلف المجالات السياحية وتقديم تحفيزات لكل المكونات السياحية.
كما طالبت بعقد مناظرة وطنية حول ازمة قطاع السياحة ببلادنا من اجل بناء مستقبل سياحي أكثر استدامة وانتاجية ومرونة في ظل التحديات الراهنة من خلال:
أولا : القيام بتشخيص شامل للوقوف على المؤشرات و المعطيات الإحصائية المهمة للمنظومة السياحية الوطنية وتحليل قطاع السياحة في المغرب خلال العشر سنوات الماضية التي واجه فيها عدد من الاختلالات الهيكلية واجه فيها صعوبات تحقيق اهداف التنمية الصناعية السياحية . ودلك من اجل وضع استراتيجية وطنية وجهوية وخطط بديلة لتجاوز الازمة الصحية من خلال تبادل المعلومات ، تحفيز الاستثمار وتشجيعه والمقومات السياحية، من جودة الخدمات وأسعار وامن والعمل على تحديد السياسات المتعلقة بالجوانب الصحية و إرساء التلقائية بين الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بقطاعات السياحة والثقافة والصناعة التقليدية والشباب والرياضة والصحة … و دعم تنفيذ الاستراتيجيات الجهوية للسياحة . تشجيع السياحة الداخلية، ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، ونهج نظم سياحة بديلة تستفيد من إمكانات التحول الرقمي، وتطوير المنتجات السياحية بما يعكس تنوع وثراء ثرواتنا الطبيعية والبيئية ومنتجاتنا في الصناعة التقليدية
ثانيا : الإعفاء الكامل من الضرائب، وتعميم الدعم على جميع الأجراء حتى المتوقفين عن العمل قبل فبراير 2020، وتأجيل سداد أقساط الديون الخاصة بسنتي 2020 و2021، الى نهاية سنة 2022 ثم تقديم دعم تضامني يمكن المقاولات من إعادة تحريك عجلة العمل السياحة المغربية لن تستعيد عافيتها قبل 2024.
ثالثا : إعادة صياغة دفتر التحملات الخاص بالنقل السياحي لمواكبة الشركات الصغرى والمتوسطة و تعليق القرار 3975.19 الصادر في يوليوز 2020 من طرف وزارة النقل و اللوجستيك لما فيه من من قوانين لا تخدم مهنيي النقل السياحي…وفتح نقاش جاد .
رابعا : خلق صندوق خاص بالسياحة الوطنية مخصص لدعم النمو السياحي وتأمين تداعيات الازمات والكوارث مع الأخذ في الاعتبار تأثير فيروس كورونا على الفئات الأكثر تضررا.
خامسا : بناء صناعة سياحية أكثر شمولاً و نهج تنمية خضراء وقادرة على الصمود وشاملة ما بعد فيروس كورونا. والتركيز على البيئة والأشخاص والتكنولوجيا للاستعداد لمواجهة تغير المناخ والتصدي للأزمات و إدارة المخاطر والاستثمار على طول سلسلة القيمة السياحية.
سادسا : ضمان السلامة الصحية والنظافة وبناء ثقة السياح بتقديم خدمات سياحية ذات جودة عالية وبأسعار منافسة و في المتناول الطبقة الوسطى وتشجيع السياحة الداخلية والقريبة، وتنمية السياحة الطبيعة والجبلية وسياحة المغامرات و تعزيز ثقة السائح بإعادة تصنيف الفنادق الوطنية ومراقبة اسعارها وتجويد خدماتها و إعادة بناء المواقع السياحية لتكون أكثر استدامة
سابعا : التخطيط لبناء مستقبل أفضل من خلال التعاون والإشراك والابتكار والاعتماد أكثر على عنصر التكنولوجيا الرقمية وإشراك جميع الفرقاء قطاع عام وخاص والاستفادة من التجارب الناجحة لتلبية الطلب والحكامة الجيدة لتنمية وتطوير وتعزيز المنظومة السياحية الوطنية.
ثامنا : الانخراط في النموذج التنموي بتغيير النموذج السياحي الحالي وبناء تعزيز الاستدامة والقدرة على الصمود، و من اجل استراتيجية وطنية وجهوية و اقليمية لتنسيق السياسات والمبادرات وتعزيز السياحة الدولية والداخلية و المنتجات السياحية في اطار التنمية المستدامة. واعتماد الميثاق العالمي لأخلاقيات السياحة
تاسعا : تنظيم مناظرة وطنية وحوار اجتماعي مؤسساتي ، باشراك كافة المهنيين والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين لإعادة تشكيل شامل للمنظومة السياحية الوطنية حتى يتسنى لها تجاوز التداعيات السلبية لجائحة كورونا على القطاع والحفاظ على تدفقات الحركة السياحية على بلدنا والإسراع بوضع خطة عمل الإنقاذ وانعاش القطاع السياحي برؤية استباقية واستشرافية في اطار النموذج التنموي الجديد الهادف الى تطوير الصناعة السياحية الوطنية وبإشراك المهنيين.
عاشرا: الإسراع بتقديم الدعم لكافة المتضررين وإعفاء المتداخلين في السياحة من مساهمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتأجيل سداد مستحقات الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل إلى غاية نهاية سنة 2022وتأجيل سداد القروض لمدة سنة أخرى دون فوائد لصالح الشركات السياحية.