نقابة تدق ناقوس الخطر الاجتماعي وتطالب بإصلاح جذري للتقاعد وتحسين القدرة الشرائية

في سياق اقتصادي واجتماعي يتّسم بتعقيدات متصاعدة وتحديات بنيوية متراكمة، رفعت المنظمة الديمقراطية للشغل سقف مطالبها من خلال بيان سياسي اجتماعي لافت، داعية إلى إصلاح هيكلي وعميق يطال المنظومة الشغلية والتقاعدية والاجتماعية برمتها. بيان المنظمة لم يكن بيانًا مطلبيًا تقليديًا، بل عبّر عن رؤية نضالية متقدمة تسعى إلى إعادة تشكيل العلاقة بين الدولة ومختلف الفئات الشغيلة، على أسس جديدة قائمة على العدالة الاجتماعية والكرامة المهنية.

في طليعة المطالب، برزت الدعوة الصريحة إلى إحداث نظام موحد للتقاعد، يقوم على دمج الصناديق القائمة في إطار مؤسساتي مركزي واحد، بما ينهي حالة التشظي المؤسساتي التي تُضعف من النجاعة وتحول دون الاستدامة المالية والعدالة في توزيع المعاشات. وبلهجة صارمة، رفضت المنظمة أي مقترحات تتعلق برفع سن التقاعد أو تقليص قيمة المعاشات، معتبرة أن هذه الإجراءات تضرب في عمقها المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة.

ولم تغفل المنظمة الإشارة إلى السجل الاجتماعي الموحد، الذي رغم كونه مشروعًا هيكليًا طموحًا، يحتاج – حسب البيان – إلى مراجعة جذرية في المعايير المعتمدة لضمان العدالة التوزيعية وبلوغ الدعم لمستحقيه الحقيقيين. كما دعت إلى تفعيل آلية “السلم المتحرك للأجور”، وتعميم منحة الشهر الثالث عشر، كإجراء عملي لتعزيز القدرة الشرائية التي أصبحت تئن تحت وطأة ارتفاع الأسعار وتفاقم التضخم.

أما في ما يتعلق بالحريات النقابية، فقد هاجمت المنظمة صراحة مشروع القانون المنظم لحق الإضراب الذي أعده وزير التشغيل يونس السكوري، واعتبرته لا دستوريا ويناقض التزامات المغرب الدولية، لا سيما تلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية، مُعربة عن مخاوفها من تحجيم حرية التعبير النقابي تحت غطاء التنظيم القانوني.

كما طالبت بمراجعة شاملة لقوانين الانتخابات المهنية، التي رأت فيها أداة لشرعنة الريع النقابي بدل أن تكون مدخلًا حقيقيًا لتكريس الديمقراطية التمثيلية داخل المؤسسات والإدارات.

ولم يخلُ البيان من بُعد إنساني واضح، تمثل في الدعوة إلى وقف التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي داخل أماكن العمل، وإلى تبني سياسات تشغيل موجهة لفائدة الشباب الجامعي الذي يعيش معضلة بطالة بنيوية، تُنذر بتداعيات اجتماعية جسيمة.

خلاصة القول، لقد صاغت المنظمة الديمقراطية للشغل مذكرتها بلغة نقابية عقلانية وحازمة، تمزج بين النضال الاجتماعي والتحليل الاستراتيجي، مُدشّنة بذلك مرحلة جديدة من المواجهة المبدئية مع السياسات العمومية التي تراها مجحفة. وهي، إذ تُطلق هذا النداء، تُعيد النقاش العمومي إلى سكته الجوهرية: كيف نبني دولة اجتماعية قائمة على الإنصاف والكرامة والفعالية، لا مجرد الاكتفاء بتدبير الأزمة تلو الأخرى؟