بعدما باتت أنظمة التقاعد بالمغرب مهددة بالعجز والافلاس ومعرضة لتحديات مالية كبرى، عقدت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، بمجلس النواب، الأربعاء 23 فبراير 2022، يوما دراسيا حول أنظمة التقاعد، بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، لتقديم معطيات حول وضعية هذه الصناديق والسيناريوهات المقترحة للإصلاح الشمولي، وهذه وجهة نظر علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل حول الموضوع فأعد الورقة التالية:
مما لاشك فيه أن أنظمة التقاعد بالمغرب ستواجه مستقبلا تحديات مالية كبرى باعتبارها أنظمة مختلفة وغير متجانسة، وغير عادلة أيضا بحكم التفاوتات الكبيرة في معاشات التقاعد بين القطاع العام والقطاع الخاص، وغياب نظام تكميلي لدى الأغلبية الساحقة من موظفي الدولة والجماعات الترابية، وستشهد صناديق التقاعد المختلفة صعوبات على مستوى التوازنات المالية كما ستعرف عجزا ماليا على المدى القريب والمتوسط، وبالتالي يتأكد أن الإصلاحات المقايسية التي فرضها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران سنة 2016، كانت ترقيعية محدودة وبمثابة مسكنات للعجز سينتهي مفعولها في السنوات القليلة القادمة حسب الدراسات المتخصصة وتقارير مؤسسات دستورية كالمجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط، وستعود الحكومة مرة أخرى إلى جيوب الموظفين والعمال لرفع المساهمات ورفع سن التقاعد الى 65 سنة. وهي تدابير وإجراءات مقايسية هدفها تأخير العجز لسنوات تم العودة إلى نقطة الصفر. وهو ما ما نرفضه .
لذلك طالبنا في المنظمة الديمقراطية للشغل إحداث إصلاح جذري لمنظومة التقاعد بالمغرب، من خلال:
أولا: توحيد صناديق التقاعد في نظام من قطبين عام وخاص في أفق توحيدهما في صندوق واحد ونظام واحد وموحد على مستوى قيمة المعاش، وشروطه ونظرا لغياب التوازن الديمغرافي في التوظيف بين القطاع العام والقطاع الخاص؛
ثانيا: لابد من استمرار اعتماد نظام التوزيع في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المغربي للتقاعد، وبنفس معايير المساهمات وسن التقاعد وقيمة اجرة المعاش، التي تضمن الكرامة والعرفان لكل الأجراء لما بذلوه طيلة مشوراهم المهني في خدمة المجتمع والوطن. فموضوع استدامة نظام التقاعد يمر بالضرورة إلى مراجعة جذرية لأنظمة التقاعد الحالية المشتتة لتوحيدها والرفع من معاش التقاعد وملائمته مع الحد الأدنى للأجر، والرفع من سقف المعاش في القطاع الخاص الذي على أساسه يحدد معاش التقاعد في 6000 درهم وملائمته مع القطاع العام.
ثالثا: جعل الرفع من سن التقاعد اختياريا وليس إجباريا في 63 أو 65 سنة والتقليص من مدة 8 سنوات التي يحتسب عليها التقاعد في الوظيفة العمومية إلى آخر أجرة ومنح التقاعد بالنسبة لأجراء القطاع الخاص حتى بالنسبة للذين لا يتوفرون على 3240 يوم المطلوبة حاليا للتقاعد.
رابعا: العمل على تحسين مستوى التدبير والحكامة لمنظومة التقاعد وتكريس الشفافية ومحاربة كل أشكال الفساد.
خامسا: التدبير المحكم والشفاف للاحتياطات والعوائد المالية بشكل أفضل، من خلال مراجعة القانون الذي يفرض على أنظمة التقاعد الانخراط في صندوق الإيداع والتدبير بفائدة ضعيفة جدا…