هل أعادت حكومة أخنوش نقاش التكنوقراط الى الواجهة؟

تساءل الصحفي المقتدر مصطفى الفن في تدوينة جديدة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فايسبوك »، حيث قال  » ماذا فعل الراحل الحسن الثاني عندما ضاق درعا بفريق عمله وبصنف من مسؤولين أصبح معهم المغرب يتجه نحو المجهول؟ ».

وأضاف المتحدث نفسه  » لقد خرج رحمه الله على الملأ ليقول إنه في حاجة إلى « أولاد الناس » لإنقاذ البلد من « السكتة القلبية ».

وتابع قائلاً : « لأن الحسن الثاني كان يعرف جيدا التركيبة السوسيولوجية للمغاربة فهو لم يقسمهم إلى يساريين وليبراليين ويمينيين وإسلاميين.. المغاربة  بالنسبة، إلى الحسن الثاني، صنفان لا ثالث لهما: إما أن تكون « ولد الناس » وإما أنك لست كذلك.. لكن ماذا وقع بعد صرخة الحسن الثاني الذي أراد الاشتغال مع فريق عمل من « أولاد الناس »؟.

وزاد المتحدث قائلاً :  » لا شيء سوى أن المحيطين به وقتها اختاروا « أناسا » لكن على مقاسهم الضيق ل »حكمة » لا يعملها إلا  هم لوحدهم.. وعندما انتبه الحسن الثاني، بحسه الاستشرافي والوطني إلى هذا « المقلب »، فقد قرر بأن يستعين بمعارضيه لتغذية نظامه. »

وأشار المتحدث نفسه قائلاً :  » وهكذا نادى الحسن الثاني من فوق سرير المرض على زعيم سياسي كبير لأكبر حزب معارض بالمغرب هو « تاجر السلاح » عبد الرحمن اليوسفي ليعينه رئيسا للحكومة.. وقد جيء باليوسفي وقتها ليزرع بعض الروح وبعض الجدية وبعض المصداقية في شرايين دولة بمؤسسات نخرتها سياسة التقويم الهيكلي من الداخل.. وإذا كان صحيحا أن هذا السيناريو وقع بالأمس وأصبح اليوم جزءا من الماضي.. لكن من الضروري أن نذكر بهذا الماضي لأن بعض تجلياته وملامحه لازالت مستمرة في الحاضر.. ويكاد يكون الأمر بهذه الأبعاد كلها. »

المتحدث نفسه قال :  » إذ ليس سرا أن البعض، من داخل المؤسسات ومن خارجها، يريد، بحسن نية أو ربما هذا مبلغه من العلم، أن يلعب دور « الناصح » في اتجاه أن تدار شؤون السياسة والحكم في البلد بدون سياسة وبدون سياسيين وبدون أحزاب.. باختصار شديد، البعض يريد ربما أن تدار شؤون البلد كما تدار أي « مقاولة » أو « مكتب دراسات ».

وقال الصحفي المذكور  » وبالطبع من منا لا يتذكر كيف أن البعض قدم، في وقت سابق، القطاع الخاص بمختلف شركاته ومقاولاته بين يدي الملك على أنه « قطاع ناجح ».. وما الأمر كذلك بشهادة واقع عنيد لا يرتفع.. نعم قد يكون جزء من القطاع الخاص بذلك النجاح الذي تحدث عنه الخطاب الرسمي في أكثر من مناسبة.. لكن العارفين بخبايا الأمور لم يقولوا لمن يهمه الأمر ما هو أهم.. »

كماتابع  » والأهم هو أن القطاع الخاص الناجح في البلد هو ذلك الجزء « المحظوظ » الذي ازداد وفي فمه ملعقة من ذهب وجاه ونفوذ.. أو دعوني أقول بصيغة أخرى أكثر وضوحا:إن الجزء الناجح من القطاع الخاص هو ذاك « المفشش » الذي أريد له سياسيا أن ينجح.. وما كان له أن ينجح لولا أنه يملك أيادي داعمة له من داخل « زواج غير شرعي » يجمع بين المال والسلطة.. وأفتح هنا قوسا لأقول إنه لا مانع « ربما » عندي من أن تجتمع السلطة بالمال فيما هو سيادي دفاعا عن أمننا القومي مثلما يجتمع الدين والسياسة في إمارة المؤمنين دفاعا عن أمننا الروحي.. »

وأضاف المتحدث عينه  » أغلق القوس وأعود سريعا إلى من حيت انتهيت في موضوع القطاع الخاص لأدعوكم إلى أن تسألوا أصحاب المقاولات الصغرى والمتوسطة التي أعلنت إفلاسها المبين خلال الخمس سنوات الأخيرة.. كما لكم أن تسألوا أيضا أصحاب تلك المقاولات التي تستعد للإفلاس والإغلاق لأنها عجزت عن تسوية ضرائبها وديونها المتراكمة.. بل إن هذه المقاولات عجزت حتى عن تسوية مستحقات مستخدميها لدى الصناديق الاجتماعية دون أن تتلقى أي دعم ولا تسهيلات خاصة في هذا الزمن الكوفيدي الصعب.. »

اليوم، وبعد مرور أكثر من  21 سنة من العهد الجديد، فما عاد هذا العهد جديدا.. وزملاء الدراسة الذين درسوا مع الملك محمد السادس بالمدرسة المولوية وشكلوا النواة الصلبة في فريق عمل جلالته كلهم اقتربوا اليوم من ال60 سنة ونضجوا بما فيه الكفاية.

وهذا ما يبعث على الاطمئنان لندفع بالبلد في اتجاه القطع مع أي خفة أو خطوة متسرعة أو غير محسوبة العواقب في إدارة شؤون السياسة بالبلد.. والقطع مع « الخفة » في إدارة شؤون السياسة بالبلد يفرض، بالضرورة، أن تظل السياسة بيد السياسيين وبيد الأحزاب وبيد دولة الأحزاب.. وعلينا أن نعترف بأن السياسة مع حكومة البيحيدي استطاعت أن تؤجل الاصطدام بين الدولة والشارع لمدة عشر سنوات..

أما غياب السياسة مع حكومة عزيز أخنوش وشكيب بنموسى ومن معهما من التكنوقراط فقد عجل بالتي هي أسوأ.. والتي هي أسوأ هي هذه الاحتجاجات الأسبوعية التي تكاد تمهد لهذا الاصطدام بين الشارع والدولة في وقت لازالت هذه الحكومة لم تكمل حتى 10 أيام من « المشماش ».

التكنوقراط والكفاءات والخبرات مكانهم الطبيعي هو الاشتغال في الظل وفي الكواليس وخلف السياسي وليس أمامه.. لماذا؟..  بكل بساطة لأن الاشتغال تحت أعين الجمهور وتحت أشعة الشمس الحارقة يحتاج إلى جلود لا تنضج..على حد تعبير الصحفي مصطفى الفن في التدوينة ذاتها.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *