هل العثماني رئيسا للحكومة أو موظفاً عموميا؟

خالد بوبكري

المتتبع لمسار رئاسة الحكومة، سواء في نسختها الأولى مع عبد الإله بنكيران، أو الثانية مع سعد الدين العثماني, سيكتشف أنها لم تتمكن من وضع بصمتها في الفضاء السياسي، وهي التي تتوفر على إختصاصات مهمة يضمنها لها القانون وفصول دستور 2011.

فالواضح أن العثماني وقبله بنكيران، تصرف ويتصرف بمنطق الوزير الأول وبروح دساتير ما قبل 2011، وتنازل طواعية على إختصاصاته.

فالوزير الأول في دستور 1996 كان إختصاصه الظاهر والمحدد في قانون تنظيمي، يتمثل في تنسيق النشاطات بين الوزراء في القطاعات التي يشرف عليه هو، أي وزراء الأحزاب السياسية، وليس ما يسمى اليوم في الأدبيات السياسية بوزراء السيادة.

وحتى هذا الدور التنسيقي، يبدو أن رئيس حكومتنا، لم يعد يشغل باله. وربما المهم بالنسبة له هو البقاء في كرسيه حتى نهاية ولايته, وحال لسانه يقول؛ « كم من الأمور قضيناها بتركها ».

وربما واقعة إعلان وزير الداخلية ووزير الصحة، إغلاق ثمان مدن مغربية بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد بين ساكنتها، تزكي فرضية تخلي سعد الدين العثماني عن إختصاصاته المشروعة، وتمييع مؤسسة رئاسة الحكومة وجعلها في درجة أقل من وظيفة وزير أول.

فقبل أيام أكد بلال التليدي القيادي في حزب العدالة والتنمية، في تدوينة على حسابه الفيسبوكي، أن رئيس الحكومة لا علم له بقرار إغلاق المدن الثمانية، ولم يخبر به.

بعده خرج عبد العالي حامي الدين، ليحمل مسؤولية تداعيات القرار المذكور من حوادث ووفيات وإزدحام بالطرقات، إلى السلطات العمومية، التي اتخذت القرار، وليس للحكومة برمتها ورئيسها تماشيا مع ما يقتضيه مبدأ التضامن الحكومي والمسؤولية الجماعية.

وتوالت ردود أفعال قيادة وقواعد حزب العدالة والتنمية وذبابها الإلكتروني، التي حاولت نزع مسؤولية ما وقع بالأحد الأسود، عن رئيس الحكومة وتبرئته، بحجة أنه لم يخبر ولم يتم إستشارته بهذا القرار.

وهنا أتذكر المثل المغربي القائل؛ »جا إبوصو وعماه », والذي ينطبق على إخوان العدالة والتنمية، حيث إعتمدوا على حجة تدين زعيم حزبهم وتضعه موضع المساءلة القانونية والأخلاقية.

فعدم إخباره وإستشاراته في قرارات هامةوتهم البلاد والعباد، يعني أننا أمام رئيس حكومة صوري، لا دور له في صناعة القرار في هذا الوطن والسهر على تنفيذه.

وهنا كان من الأجدر أن يقوم على الأقل برد فعل يسمعه كل المغاربة، وليس تقديم إستقالته، لأننا نعرف أن هذه الأخيرة من شيم الكبار وتتطلب شجاعة سياسية وكثير من المروء.

وهنا أتسأل؛ الى متى ستبقى مؤسسة رئاسة الحكومة بهذا الضعف والوهن؟ وهل نحن أمام رئيس حكومة أو موظف عمومي؟ وهل الفضاء والأحزاب السياسية أصبحت عاقرة وعاجزة عن إنتاج ‘برفيل » حقيقي لرئيس حكومة؟

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *