علي الغنبوري
ما حمله الخطاب الملكي لعيد العرش في طياته من مطالب و مؤاخدات على الحكومة الحالية ، و الاحزاب المشكلة لها ، لا يتطلب جهدا كبيرا لفك شيفراته ، و معانيه ، فالملك كان واضحا في كلامه ، حيث طالب الحكومة في شخص رئيسها ، برفع مقترحات لتغير الاسماء المشكلة لها و كذلك لشغل المناصب العليا في المؤسسات العمومية.
و بطبيعة الحال هذه الاقتراحات وضع الملك لها شرطا اساسيا ، فهو طالب بتمكين الكفاءات و الاطر الوطنية المجربة و الكفؤة بتبوء المسؤولية ، و الانخراط في تدبير الشأن العام .
ما يفهم من مطالب الملك ، ان الحكومة الحالية و الاحزاب المشكلة لها ، لم تستطع ان تواكب الطموحات و التحديات و الرهانات التي انخرط فيها المغرب ، و انها تحولت الى نواد مغلقة غير قادرة على استقطاب الكفاءات و الاطر .
فدعوة الملك الحكومة لتغير جلدها ، هو اشارة واضحة لحالة انسداد الافق الذي تعاني منه الاحزاب المشكلة لها ، و حيادها عن دورها الطبيعي ، في ان تجسد القنطرة الاساسية لتمكين الاطر و الكفاءات العالية من الانخراط في الحياة العامة وفق تصوراتها و قناعاتها السياسية .
و في نظرة سريعة ، على واقع الاحزاب المغربية ، و ما تعيشه من تفكك و هشاشة و صراعات ، وسيادة لمنطق الزبونية و المحسوبية المبنية على الولاء التنظيمي قبل الكفاءاة ، يجعل من البديهي طرح السؤال، هل تستطيع الحكومة و الاحزاب المشكلة لها الاستجابة لمطالب الملك ؟
وضعية الاحزاب المشكلة للحكومة ، لا تعني بالاساس غياب الاطر و الكفاءات من ابنائها ، لكن المشكل يتجسد في ان اغلب هذه الاحزاب ، دفعت هذه الكفاءات و الاطر لهجرها و الابتعاد عن دائرتها التنظيمية، بممارساتها غير العقلانية و غير الديمقراطية داخليا .
فحزب مثل الاتحاد الاشتراكي مثلا ، يعج و يغص بالاطر و الكفاءات المجربة ، التي توجد للاسف خارج الجهاز التنظيمي للحزب ، لدواعي و اسباب مختلفة و متعددة (لا يسعفنا الوقت للتطرق لتفاصيلها ) ،والتي شاهد الكل كيف تم تعينها بمختلف المؤسسات الوطنية الكبرى من طرف الملك دون المرور عبر الجهاز الحزبي، الذي لا تربطه بها اي صلة (المجلس الوطني لحقوق الانسان، مجلس المنافسة ، المجلس الاقتصادي و الاجتماعي…).
الحكومة الحالية او بالاحرى الاحزاب المشكلة لها امام خياريين اثنين ، اما ان تسارع باصلاح اوضاعها ، و تمكين اطرها و كفاءاتها من العودة الى دواليبها و اجهزتها ، بالعدول عن ممارساتها الاعقلانية و للا ديمقراطية، و اما ان تقبل بمنطق الكفاءات التقنوقراطية ،و انعكاساته على الحياة السياسية و وضعية الاحزاب داخل المجتمع .
فالبلاد و ما ترفعه من تحديات و رهانات لا يمكنها ان تتوقف كثيرا في انتظار احزاب معطوبة غير قادرة على بناء ذاتها و اصلاح منظوماتها و مناهجها السياسية و التنظيمية .