يشهد المغرب تحولاً اقتصادياً استثنائياً، يضعه على خريطة القوى الصناعية الإقليمية، خصوصاً في قطاع السيارات، الذي أصبح يمثل واجهة بارزة للطموح المغربي. وفقاً لتقرير صادر عن الموقع الإسباني المتخصص “eleconomista”، فإن هذا التطور يطرح تساؤلات عميقة حول قدرة المغرب على تكرار تجربة النجاح الاقتصادي الذي شهدته إسبانيا في منتصف القرن العشرين.
المغرب، الذي اعتمد لعقود على الزراعة والسياحة كمحركين رئيسيين لاقتصاده، يعمل حالياً على تعزيز قطاع الصناعة بشكل غير مسبوق. في مجال صناعة السيارات، نجح في التحول من مجرد ورشة عمل للتجميع إلى مصنع عالمي يصدر سياراته إلى مختلف القارات. الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب، بالقرب من أوروبا، يجعله قاعدة إنتاج مثالية للشركات التي تسعى للوصول إلى السوق الأوروبية. إضافة إلى ذلك، يشكل المورد البشري الشاب والمتعلم ميزة تنافسية، تعزز من جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية.
الحكومة المغربية لعبت دوراً حاسماً في هذا التحول من خلال تقديم حوافز ضريبية وجمركية سخية للمستثمرين، إضافة إلى تطوير البنية التحتية بشكل لافت في السنوات الأخيرة، مما جعل عمليات الإنتاج والتوزيع أكثر سلاسة وكفاءة.
على غرار ما قامت به إسبانيا في القرن الماضي حينما استقطبت شركات عملاقة مثل فولكسفاغن ورينو، يسير المغرب على النهج ذاته، حيث استقطب علامات تجارية عالمية مثل رينو، سيتروين، ونيسان. هذه الاستثمارات الضخمة أسهمت في تعزيز قدرات المغرب الإنتاجية، وجعلت من قطاع السيارات قاطرة للاقتصاد الوطني.
ومع ذلك، تواجه المملكة تحديات تستدعي الاهتمام، أبرزها الاعتماد المفرط على قطاع السيارات، ما يجعل الاقتصاد عرضة للتقلبات العالمية في هذا المجال. إلى جانب ذلك، تحتاج المملكة إلى تسريع وتيرة الاستثمار في الطاقات المتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة من القطاع الصناعي، فضلاً عن ضرورة تطوير منظومة التعليم والتكوين المهني لتلبية متطلبات سوق العمل المتغيرة.
يشير التقرير إلى أن المغرب قادر، إذا ما واصل جهوده في تعزيز تنافسيته وتنويع اقتصاده، على تحقيق نموذج اقتصادي مستدام يمكّنه من تحسين مستوى معيشة مواطنيه. المستقبل يبدو واعداً، ولكن النجاح يعتمد على قدرة المملكة على مواجهة التحديات الراهنة، والاستثمار في رأس المال البشري والبنية التحتية، لضمان استمرارية النمو والتحول نحو اقتصاد متكامل ومتنوع.
المغرب يخطو بثبات نحو تحقيق المعجزة الاقتصادية القادمة. فهل ينجح في جعل هذا الحلم واقعاً؟