الاستاذ عبد الكريم الخصاصي، محام بهياة المحامين بتطوان يكتب واقع العنف ضد المرأة بين الحجر الصحي وانشغالات الحكومة بالاجراءات الإحترازية بوباء كوفيد 19.
أدى تفشي وباء فيروس كورونا في العالم إلى فرض تدابير وقائية تمثلت في الحجر الصحي كأول إجراء للحد من انتشار العدوى. لكن كان لهذا القرار تداعيات اجتماعية وخيمة سيما على النساء، بحيث ارتفع معدل العنف المنزلي بنسبة كبيرة في جميع أنحاء العالم مع بداية الحجر الصحي.
العنف ضد المرأة والطفل خلال فترة الطوارىء الصحية احصائيات مخيفة مقابل إجراءات محتشمة.
وامام هاته الوضعية الكارثية دقت منظمة الأمم المتحدة وكذا جميع المنظمات النسائية والحقوقية التي تعني بمكافحة العنف الأسري ناقوس الخطر داعية إلى حماية النساء والفتيات، من العنف الأسري، عقب توصلها بتقارير تفيد تزايد حالات العنف المنزلي والأسري خلال فترة الحجر الصحي، في ظل تفشي عدوى كوفيد-19.
وطالبت باتخاذ إجراءات للحد من «العنف الأسري» المتزايد بسبب البقاء في المنازل بالنسبة للعديد من النساء والفتيات ضحايا العنف منبهة الى ان أكثر مكان يلوح فيه خطر العنف هو المكان الذي يفترض به أن يكون اكثرامانا لهن هو ( البيت).وعلى مدى الأسابيع الماضية، ومع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية وتنامي المخاوف، شهدنا تزايدت مروعا في العنف المنزلي.
وطالبت الجمعيات النسائية جعل منع العنف ضد المرأة وجبر الضرر الواقع من جراء هذا العنف، جزءا رئيسيا من خططها الوطنية للتصدي لكوفيد-19»، داعية القضاء إلى تحمل مسؤوليته في متابعة و مقاضاة المعتدين، مطالبا بشكل خاص – اسوة بالمراسيم القانونية التي تصدرها السلطات العمومية كتدابير استثنائية خلال فترة الحجر الصحي ولا سيما مرسوم قانون 292-20-2 – سن إجراءات وقائية احترازية وفورية لمنع العنف قبل ايقاعه على المرأة والطفل من اية جهة كانت. وهي نفس المطالب التي سبقت بوضع تدابير للحد من «العنف الأسري» نتيجة البقاء في المنازل، في ظل تفشي عدوى كوفيد-19.
ان مطالبة الناس بالبقاء في منازلهم زاد من خطر العنف الأسري مما اصبح من الواجب تضمين خدمات لمعالجة العنف الأسري، ضمن إجراءات مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد اذ غالبا ما تكون النساء في ظروف جد سيئة و أقل اتصالا بالعائلة والأصدقاء الذين قد يوفرون لهن الحماية من العنف.
واقع العنف ضد المرأة بين الحجر الصحي وانشغالات الحكومة بالاجراءات الإحترازية بوباء كوفيد 19.
’
طالبت حوالي ثلاثون جمعية مغربية من السلطات اتخاذ اجراءات طارئة لمحاربة العنف ضد المرأة أثناء أزمة كوفيد 19 مستشعرة خطورة الاإثار الناجمة عن فرض حالة الطوارئ والالتزام بالحجر الصحي في أواسط مارس.وقد عبرت عن قلقها البالغ في رسالة وجهتها إلى عدة جهات حكومية – من اعتبار أن المنزل اصبح أخطر مكان للنساء ضحايا العنف منبهة الى خطورة الوضع إزاء لارتفع معدل العنف بجميع أشكاله بناء على الاحصائيات المسجلة لديها عبر مراكز الاستماع لدى هاته المنظمات والتي من المرجح أن يزداد بسبب التوترات التي بدأت تنشب داخل المنازل، مع الضغوط المرتبطة بوضع الحجر الصحي العائلي والتي تفاقمت بسبب الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن فقدان العمل خلال فترة الحجر الصحي.
وتشير العديد من الحالات يستغل فيها الأزواج الحجر الصحي من أجل ممارسة الضغط النفسي واستعمال القوة الجسدية لإجبار زوجاتهم على التخلي عن حقوقهم ( التنازل عن النفقة – وعن الحضانة – وعن الاجبار على الطلاق مع التنازل عن مستحقاتهن . كما يحدث أيضا أن الأزواج الذين هجروا منزل الزوجية يعودون إلى هناك بدواعي الحجر الصحي من أجل الانتقام من زوجاتهم وأطفالهم.
الامر الذي يوضح ما يعانينه من انعدام الأمن الاقتصادي الناجم عن الوباء، يضاف اليه ضعفهن المالي الذي يؤدي إلى زيادة الاعتماد على المعتدين باعتبارها مكلفين بالاتفاق . كما ان فرض القيود على التنقل يزيد من ضعف ضحايا العنف، مما يجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل الهروب من التهديدات الخطيرة بممارسة جميع أشكال العنف عليهن . أضف إلى ذلك فإن انشغال السلطات بتصريف كل جهودها وتعبئة كل مواردها البشرية المختصة في التعامل مع الوباء مما يزيد من فرض حصار واقعي وقانوني يستفيذ منه مسبب العنف المحتمل على المرأة.
وبحسب الإحصائيات الرسمية، فإن امرأة من بين كل امرأتين كانت ضحية أحد أشكال العنف في المغرب سنة 2019.
رغم دخول قانون ضد العنف ضد المرأة 113-03 حيز التنفيذ سنة 2018، وتمثلت العقوبة عليه للمرة الأولى في السجن بسبب أفعال «تعتبر من أشكال المضايقة أو سوء المعاملة». ومع ذلك، يعتبر النص غير كاف ولا يستجيب للنداء العالمي لحماية النساء والفتيات «في المنزل» حيث يؤدي الحجر الصحي الناجم عن جائحة كوفيد 19 إلى تصاعد العنف المنزلي داخل الأسر وفي كل مكان لا سيما مع تفاقم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية وتزايد التخوفات يسببه وبالتالي احذث هذا الوضع قلقا خطيرا لاندلاع للعنف المنزلي».
في هذه المرحلة العصيبة جراء انتشار وباء فيروس كورونا، تكون للحجر الصحي المفروض حاليا نتيجة محزنة في ما يتعلق بزيادة حالات العنف المنزلي والأسري. وبالتالي فإن الحالة الاستثنائية تؤدي إلى تدابير استثنائية.
تدابير مستعجلة واقتراحات طارئة لمواجهة الظاهرة
ان ظاهرة العنف بجميع اشكاله خلال فترة الحجر الصحي تستوجب اتخاذ مجموعة كاملة من التدابير التي تهدف إلى حماية النساء ضحايا العنف المنزلي. في ما يلي ملخص لجميع الحلول الموجودة اليوم ضد العنف المنزلي في زمن كورونا.
توفير مراكز الايواء بالنسبة للنساء والاطفال ضحايا العنف الأسري، إطلاق حملة تحسيسية وقائية تتضمن تسخير جميع الامكانيات البشرية واللوجستيكية ترمي إلى الوقاية من العنف الأسري وتحسيس مرتكبي العنف المنزلي. يهدف «النظام الاستثنائي والمؤقت» إلى جعل «الإخلاء من منزل الأسرة.
اشراك جميع الوزارات والمؤسسات العمومية بما فيها وزارة التضامن والأسرة ووزارة الصحة بادماج المرأة المعنفة في بيئة سليمة آمنة من اي تهديد بالعنف بجميع أشكاله .
من أجل تسهيل المهمة على النساء ضحايا العنف لطلب المساعدة، إنشاء نظام داخل الصيدليات لتنبيه النيابة العامة والضابطة القضائية للتدخل الفوري والاني لكل الحالات المتوصل بها عن طريق إجراءات لاستقبال ومساعدة ضحايا العنف، الذي يتزايد عددهم منذ فرض حالة الطوارئ والحجر الصحي.
التنسيق مع جميع الجمعيات النسائية المهتمة والتواصل معها عبر جميع وسائل التواصل كخلية استماع موحدة عبر منصة إلكترونية تتولى التنسيق مع النيابة العامة والضابطة القضائية والتدخل الفوري في كل الحالات المستعجلة لتفادي وقوع الاسوء من الاعتدءات.
1) تمكين الجمعيات النسائية المهتمة من جميع الامكانيات المادي والبشرية واللوجستيكية لرصد جميع حالات العنف ضد المرأة والأسرة والطفل ولا سيما وضع رهن اشارتهم رقم نداء مجاني ومنصة إلكترونية سهلة الولوج لتقديم الشكايات وربطها بخلية العنف لدى النيابة العامة والضابطة القضائية.
2) دعم مراكز الاستماع والرفع من مستوى العاملات بها وتكوينهن في ميكانيزمات الرصد النفسي والسيكولوجي للنساء المعنفات ومصاحبتهن خلال مرحلة الرهاب النفسي الذي غالبا م تظهر ندوبه على نفسية المرأة المعنفة بشكل جلي.
3) ابرام شراكة مع اخصائيين اجتماعيين واطباء نفسانيين ومحامين قصد دعم قضايا المرأة والأسرة والطفل ضحايا العنف وتاهيلهم لتجاوز اثار العنف ودعمهم بافكار وانشطة موازية لتضميد جراح العنف وآثاره على وضعهم الأسري . وتنويع اهتماماتهن، وإيجاد هوايات، والقيام بالأنشطة الرياضية، وتطوير العلاقات مع أشخاص مقربين. لأنه في حالة حدوث مشكلة: «فإن الشخص الثائر يكون غير قادر على رؤية الوضع بموضوعية و بالتالي الفكرة هي أن يكون لهذا الوضع طرف ثالث من أجل أن يكون الشريك قادرا على أخذ المسافة عاطفيا»
4) عدم التعامل مع التهديدات باستخفاف
لا ينبغي الاستخفاف بالتهديدات على الإطلاق.
إن التهديدات بالقتل، تشعل فتيل العنف. إذا لم نأخذ هذا التهديد محمل الجد في الوقت المناسب، فإن هناك خطرا في المرور إلى الفعل مما يستدعي الأمر التدخل الفوري من لدن الضابطة القضائية .
5) اتخاذ إجراء ابعاد المعتدي عن المرأة والطفل والأسرة ضحايا العنف بمجرد وجود تهديد جدي بالعنف
بمجرد تحديد التهديد، لم يتبق سوى الا بعاد عن محيط العنف .اذ ليس كل الضحايا على استعداد للمغادرة بين عشية وضحاها، لذلك يتعين الاستعداد للابتعاد عن بؤرة العنف المحتمل بعد الاتصال برقم الطوارئ والبحث عن مأوى فوري.
6) العمل من أجل الدعم والتعليم والوقاية للقضاء على العنف المنزلي.
7) تحسيس الجمعيات ووسائل الإعلام والسلطات العامة بتوعية عامة الناس بالظرفية الصعبة التي يمر منها العالم، وبشكل خاص التي يعاني منها ضحايا العنف المنزلي والأسري. خلال فترة الحجر والطوارىء الصحية.
8)
وضع عدة أنظمة تمكن ضحايا العنف المنزلي من طلب المساعدة في الصيدليات أو الاتصال برقم مجاني التبليغ عن العنف المنزلي أوإساءة معاملة الأطفال.
9)
تلكم كانت بعض التصورات والاقتراحات التي ترسخت لي كباحث متابع لقضايا العنف ضد المرأة والطفل والأسرة من منظور محام مدافع عن حق المرأة في العيش بامان وسلام داخل نواة أسرة سليمة خالية من جميع أشكال العنف الأسري لما لهذا الموضوع من راهنيتة في النسيج المجتمعي المغربي.