قررت المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بخنيفرة منع جمع التبرعات داخل المساجد تحت أي ظرف، في خطوة جريئة تستهدف إنهاء العشوائية التي ظلت تهيمن على هذه الممارسات لسنوات. القرار، الذي يستثني فقط الجمعيات المعتمدة من قبل السلطات لبناء المساجد، يضع حدًا نهائيًا لمشاهد جمع الأموال بشكل غير منظم، والتي كانت تتم غالبًا دون أي رقابة أو شفافية.
لطالما كانت مساجد المملكة خلال شهر رمضان مسرحًا لجمع تبرعات مالية قبيل صلاة التراويح، حيث يقوم بعض الأفراد بجمع الأموال لدعم الإمام والقائمين على المسجد، دون وجود أي آلية واضحة لمراقبة هذه العملية أو التأكد من مصير تلك الأموال. هذه العشوائية فتحت الباب أمام تساؤلات مشروعة حول مدى شفافية التصرف في هذه التبرعات، وغياب آليات واضحة لضمان وصولها إلى المستحقين الحقيقيين.
في سياق متصل، صادقت الحكومة مؤخرًا على مشروع مرسوم جديد ينظم جمع التبرعات وتوزيع المساعدات الخيرية، تنفيذًا للقانون رقم 18.18، الصادر في ديسمبر 2022. ويهدف هذا المرسوم إلى تقنين عمليات جمع الأموال من الجمهور، وضبط مسطرة الترخيص، وإخضاع هذه العمليات لرقابة صارمة تحول دون أي استغلال غير مشروع لها.
القرار يُطرح اليوم كمفصل حساس بين ضرورة تنظيم العمل الخيري، ومنع أي تجاوزات قد تُستغل لأغراض غير معلنة، وبين تساؤلات تطرحها بعض الفئات حول إمكانية تأثيره على التضامن المجتمعي التقليدي. وبين هذين الطرحين، يبقى التحدي الأكبر هو خلق منظومة شفافة تضمن أن تصل التبرعات إلى مستحقيها دون أن تتحول إلى قنوات مشبوهة أو استثمارات غير واضحة المعالم.