وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.. الحديقة الخلفية لجماعة التوحيد والإصلاح

هاشتاغ
قد يبدو قرار توقيف مندوب وزارة الاوقاف و الشؤون الإسلامية بالقنيطرة قرارا إداريا عاديا اتخدته مصالح الوزارة المركزية كجزء من عملها الاداري الروتيني في سبيل تدبير مواردها و أطرها ، و تحسين أداء أجهزتها و مصالحها ، لكن المتتبع لشؤون هذه الوزارة و لما يجري داخل دهاليزها ، سيكتشف ان هذا القرار هو الشجرة التي تخفي الغابة المهولة ، بنباتتها المتوحشة و كائناتها المفترسة .

فما يجري اليوم داخل وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية ، يطرح اكثر من علامة استفهام حول استقلالية قرارها ، و عن الجهات التي باتت تتحكم في دواليبها ، و عن التوجه الذي باتت تسير في اتجاهه ، و عن الأجندات المشبوهة التي تطغى على عملها الميداني .

قرار إعفاء مندوب الوزارة بالقنيطرة ، ليس بالبساطة التي يتصورها المدبرين له ، فهو دليل على المياه الملوثة التي تجري تحت جسر هذه الوزارة ، و فرصة لفضح المسكوت عنه داخلها ، و كشفه أمام الرأي العام الوطني .

سيطرة جماعة التوحيد و الاصلاح على مفاصل هذا القطاع المهم و الحساس ، لم تعد تحتاج الى دلائل لكشفها، فنفاذ الجماعة و اتباعها داخل كل اجهزة و مصالح هذه الوزارة و تحكمهم في قرارها ، و فرضهم لتصوراتهم و مناهجهم ، اصبح واضحا و بشكل علني و مكشوف .

تحكم و سطوة هذه الجماعة الدينية ذات المرجعية الإخوانية داخل هذه الوزارة، تدفع الى التساؤل حول دور الوزير و المشرف الاول على عملها ، في تقوية وجود اتباعها ، و إرتهانه لاجنداتهم و توجهاتهم الدينية الغريبة عن المنهج الديني الرسمي للدولة ، الذي يشكل الملك بصفته أميرا للمؤمنين الضامن لعقيدته و شرعيته .

فالجماعة اليوم هي من يفرض تعين الخطباء داخل المساجد ، و هي من تتحكم في توجهات خطبة الجمعة ، و هي من يشرف فعليا على برامج و مناهج الوزارة ، و هي من تستولي على أغلب المجلس العلمية بالبلاد ،و هي من تعين المسؤولين المحليين و الوطنين للوزارة ، و هي من تمنع بروز كل المخالفين لتوجهاتها داخل هذا القطاع .

و لعل ما وقع في مدينة القنيطرة ، هو صورة مصغرة لما يقع داخل وزارة الاوقاف ، فقرار توقيف المندوب ، جاء بناء على شكاية لعناصر جماعة التوحيد من مذكرة عممها هذا الاخير على خطباء مساجد المدينة يدعوهم من خلالها الى تجنب الاستغلال السياسي لمواضيع الاحسان و الاعمال الخيرية ، و الابقاء على الطابع الديني الصرف لمحتوى هذه الخطب ، و مسايرتها لتوجهات الدولة و إمارة المؤمنين في هذا الشأن .

هذه الشكاية بطبيعة الحال ستجد لها أذانا صاغية بالمصالح المركزية للوزارة التي تعج باتباع الجماعة و في كل مراكز القرار داخلها ، لتبدأ حملة الضغط بشتى انواعها ، ابتداء من العرائض الى تجنيد فريق العدالة و التنمية داخل مجلس النواب ، الذي لم يتردد في رفع سؤال الى الوزير يدعوه بشكل ضمني الى عزل هذا المسؤول المتمرد على جماعتهم الدينية .

المؤسف و المخجل في هذه الواقعة ، هو الاستجابة السريعة و الاستسلام الطوعي لوزير الاوقاف لهذه الضغوط ، و اتخاده لقرار توقيف مندوب وزارته بالقنيطرة ، علما ان المذكرة موضوع الشكاية من طرف جماعة التوحيد و الاصلاح ، هي تنفيذ حرفي لمذكرة صادرة من الوزير نفسه تدعو المسؤولين الاقليمين للوزارة بالسهر على ابعاد المساجد عن الاستغلال السياسي .

سكوت و ليونة الوزير احمد التوفيق ، اتجاه حركة التوحيد و الاصلاح و ما تقوم به داخل وزارته ، لم يعد شأنا داخليا ،أو مسألة تدبير إداري يهدف الى البحث عن السلم الاجتماعي داخل هذه الوزارة ، بل اصبح يدعو الى القلق حول هذه التوجهات الدينية الجديدة التي باتت تترسخ يوما بعد يوم في كل مناطق البلاد .

من هم الفاعلين الرئيسين ؟ و من هم المتحكمين الجدد بدواليب وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية ؟ و ما هي الاجندات التي باتت تطغى على عمل الوزارة ؟ و من هي الشبكات التي تؤطر العمل الميداني للوزارة ؟ كلها اسئلة سنجيب عنها في مقالات المقبلة حول هذا الملف الذي باتت خطورته تفرض على الجميع ضرورة التصدي له و لتوجهاته و عناصره .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *