وزارة التربية الوطنية… حين تعلن إفلاسها وتستعين بـجيش المتقاعدين لسد ثغراتها

أحمدبعلي/هاشتاغ
في خطوة أثارت موجة غضب عارمة داخل الوسط التربوي، قررت وزارة التربية الوطنية الاستعانة بالأساتذة المتقاعدين لسد الخصاص في “مدارس الريادة”، في مشهد اعتبره مختصون “إعلاناً رسمياً عن فشل تدبير القطاع” و”اعترافاً غير مباشر بأن الوزارة لم تعد تملك حلولاً سوى العودة إلى من أنهكتهم سنوات الخدمة”.

ورغم محاولات الوزارة تلميع القرار بعبارات من قبيل “الخبرة” و“التجربة المتراكمة”، إلا أن الواقع يُفصح بوضوح:
الوزارة تستنجد بمن غادر الميدان منهكاً، وتترك آلاف الشباب المعطلين خارج أبواب التشغيل، فقط لأنها عجزت عن التخطيط، وعجزت عن التوظيف، وعجزت حتى عن بناء منظومة مستدامة للموارد البشرية.

المتقاعد الذي أفنى ثلاثة عقود أمام السبورة، بين أمراض مهنية وحالات إرهاق مزمن وضغط نفسي، لم يعد قادراً على الوقوف ساعات طويلة داخل أقسام مكتظة.

ومع ذلك، تتصرف الوزارة وكأن المتقاعد “جندي احتياط” يمكن استدعاؤه في أي لحظة لسدّ ثغرات نظام ينهار تدريجياً.

كيف تطلب الوزارة دعمه والاحتفاظ بخبرته، وهي نفسها التي حرمته لسنوات من الترقية خارج السلم؟ كيف تعيده للصفوف دون أن تمنحه ما يستحق من تكريم؟ وكيف تتجاهل وضعه الصحي والنفسي ثم تزجّ به في أقسام تضم أطفالاً يعانون صعوبات تعلم وسلوكيات متعبة حتى للمدرسين الشباب؟

القرار صدم آلاف حاملي الشهادات الذين يتابعون منذ سنوات مسلسل الإقصاء من مباريات التعليم بسبب شرط السن، والحل المنطقي كان واضحاً:
فتح أبواب التشغيل أمام الشباب، وتكوينهم على يد المتقاعدين، بدل استنزاف هؤلاء من جديد.

الوزارة تتحدث عن “مدارس الريادة” و“تحسين التعلمات”، لكنها في العمق تقدم دليلاً جديداً على سياسات مرتجلة تفتقر للبُعد الاجتماعي والواقعية التربوية، وبين هذا وذاك، يظل التلميذ أكبر خاسر، وتظل المدرسة العمومية الحلقة الأضعف في معادلة عبثية تضر بالجميع.

إن الاستعانة بالمتقاعدين ليس حلاً… بل جرس إنذار يكشف انهياراً صامتاً داخل منظومة التعليم. أما الريادة التي تتغنى بها الوزارة، فهي – وفق ما يراه الشارع التربوي – ريادة في التناقض، وابتكار في الهروب إلى الأمام.