خرج مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة الأسبق، ليعبّر عن مخاوفه العميقة من المسار الذي تتجه نحوه التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، معتبرًا أنها لا تواكب واقع الأسرة المغربية كما كشفته نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى الأخير، بل قد تُفاقم من اختلالاتها.
خلال ندوة علمية نظمتها حركة التوحيد والإصلاح بالرباط، السبت 22 مارس، لم يتردد الخلفي في وصف معطيات الإحصاء بـ”الصادمة”، مشيرًا إلى أنها تكشف عن أزمة عميقة تُهدد نسيج الأسرة المغربية، في وقت تتجه فيه التعديلات نحو معالجة سطحية وغير منسجمة مع الواقع الاجتماعي المتأزم.
وبرأي الوزير السابق، فإن بعض المقترحات المطروحة لتعديل المدونة لا تلامس جوهر الأزمات الحقيقية، بل تتجاهل قضايا أكثر عمقًا وخطورة مثل تفشي القروض الاستهلاكية التي تُغرق الأسر في دوامة من الاستدانة، وتصاعد الإدمان على المخدرات والمراهنات، والعنف المتبادل داخل الأسرة، ناهيك عن العلاقات غير الشرعية التي تتزايد على نحو مقلق.
وحذر الخلفي من أن تغييرات غير مدروسة قد تُفكك ما تبقى من التماسك الأسري بدل أن تعالجه، داعيًا إلى صياغة إصلاحات واقعية تستند إلى المعطيات الميدانية، لا إلى أجندات فكرية أو ضغوط خارجية.
وفي الاتجاه نفسه، شدد الحسين الموس، نائب رئيس مركز المقاصد للدراسات والبحوث، على أن الدعوة الملكية لمراجعة المدونة جاءت في سياق تصحيحي هادئ، هدفه معالجة الاختلالات الظاهرة دون المساس بالثوابت التي تقوم عليها الأسرة المغربية. الموس لم يُخف قلقه من محاولة بعض المنظمات فرض تغييرات جذرية قد تمس بنية الأسرة وتُربك التوازنات الاجتماعية.
ودعا الموس المجتمع المدني إلى الانتباه لما يُطبخ في الكواليس، والتنبه لمحاولات اختراق المنظومة القيمية للمغاربة، مؤكدًا أن المعركة اليوم ليست قانونية فقط، بل هي معركة على مستقبل الاستقرار الأسري والاجتماعي للبلاد.
وبين تحذيرات الخلفي وتنبيهات الموس، يبدو أن النقاش حول مدونة الأسرة يتجه نحو منعطف حساس، بين من يدعو لتحديث عقلاني يحترم الخصوصية المغربية، ومن يسعى لفرض نماذج مجتمعية مستوردة قد لا تجد لها مكانًا في واقع لا يحتمل المزيد من التجريب.