وكالة “ستاندرد آند بورز” تضع المغرب في نادي الاقتصادات الاستثمارية وترفع تصنيفه إلى BBB

أعلنت وكالة التصنيف الائتماني الدولية S&P Global Ratings، في تقريرها الصادر من باريس، عن رفع التصنيف السيادي للمغرب على المديين الطويل والقصير من “BB+/B” إلى “BBB-/A-3” مع منح نظرة مستقبلية مستقرة (Stable Outlook)، في خطوة تعكس الثقة في متانة الاقتصاد المغربي واستدامة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تبنتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة.

أشارت الوكالة إلى أن الاقتصاد المغربي أظهر صلابة استثنائية في مواجهة الأزمات المتتالية التي عرفها الاقتصاد العالمي، خاصة الاضطرابات الناتجة عن الحروب التجارية وارتفاع أسعار الطاقة.

وتتوقع الوكالة أن يحقق المغرب نسبة نمو اقتصادي حقيقية في حدود 4% سنوياً بين 2025 و2028، مدعومة بالاستثمارات العمومية الكبرى، وانتعاش قطاعات البناء، الصناعة، تكنولوجيا المعلومات، والسياحة.

كما أوضح التقرير أن تحسن الظروف المناخية هذا العام ساهم في رفع الإنتاج الزراعي بعد سنوات من الجفاف، مما أعاد التوازن إلى الاقتصاد الفلاحي الذي يشغل نحو 25% من اليد العاملة.

أكدت “ستاندرد آند بورز” أن التصنيف الجديد للمغرب يستند إلى سياسات مالية متحفظة وإصلاحات هيكلية جريئة، تشمل إصلاح منظومة الضرائب وتوسيع قاعدة الوعاء الضريبي، واعتماد السجل الاجتماعي الموحد لتوجيه الدعم، إضافة إلى تعميم التغطية الصحية وتوسيع الحماية الاجتماعية لتشمل أكثر من 25 مليون مواطن.

كما أبرز التقرير نجاح الحكومة في تقليص العجز المالي إلى 3% من الناتج الداخلي الخام بحلول 2026، مع توقع انخفاض نسبة المديونية العمومية إلى أقل من 60% من الناتج المحلي في أفق 2028، بفضل ارتفاع العائدات الجبائية ووتيرة النمو المستقرة.

من الجانب الخارجي، توقعت الوكالة أن يظل عجز الحساب الجاري محدوداً عند حوالي 2% من الناتج الداخلي الخام، بفضل الأداء الإيجابي لصادرات السيارات والفوسفات والسياحة.
كما أشارت إلى أن المغرب يحتفظ بـ احتياطي عملات صعبة يغطي نحو 5.5 أشهر من الواردات، مدعوماً بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر التي سترتفع بنسبة 20% سنوياً خلال السنوات المقبلة، خصوصاً في قطاعات الطاقة المتجددة، السيارات، والنقل.

ذكرت الوكالة أن العلاقة المتينة بين المغرب وصندوق النقد الدولي (IMF) ساهمت في تعزيز الثقة بالسياسات الاقتصادية المغربية، خاصة بعد حصول المملكة على خط ائتمان مرن بقيمة 4.5 مليار دولار في أبريل 2025، وهو ما اعتبرته S&P مؤشراً على متانة الاقتصاد واستقرار مؤسساته.

أبرز التقرير أن الحكومة المغربية أطلقت في فبراير 2025 خارطة طريق لتقليص البطالة إلى 9% بحلول 2030، عبر برامج للتدريب المهني، وتحفيز المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع التشغيل في القطاعات الصناعية والخدمية الحديثة.

وفي الجانب النقدي، أكدت الوكالة أن بنك المغرب واصل إدارة سياساته النقدية بحذر، حيث خفّض سعر الفائدة إلى 2.25%، في ظل تضخم منخفض لا يتجاوز 2.1%.

وأشادت بتقدم عملية تحرير سعر صرف الدرهم تدريجياً في أفق 2027، معتبرة أن هذا التوجه سيعزز قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية.

يُعد تصنيف “BBB-” أول دخول للمغرب إلى نادي الدول ذات الجدارة الائتمانية الاستثمارية (Investment Grade) منذ عام 2011، ما يمكّنه من ولوج أسواق التمويل الدولية بشروط أفضل، ويعكس ثقة المستثمرين والمؤسسات العالمية في متانة الاقتصاد المغربي واستقراره المالي والسياسي.