علي الغنبوري
و انا اطالع احد المواقع الاخبارية ، استوقفني خبر تحت عنوان ” وهبي :يجب ان نساعد الاحزاب على الحضور بالبرلمان و لا مشكل لدي ان يصبح للاقليات راي ” ، القراءة الاولية لهذا العنوان ستجعلك تعتقد انك امام زعيم حزبي رصين و ديمقراطي يسعى الى خلق التعددية السياسية نبذ الهيمنة و اشراك الكل في العملية السياسية .
لكن سرعان ما ستتبدد امامك هذه القراءة الاولية للعنوان و انت تقرأ ما يتضمنه المقال من مواقف و افكار تحمل في طياتها كثير من الهمز و اللمز بقالب من التهريج و التفكه المثير للسخرية ، خاصة و ان الكل يعرف الرجل و يعلم جيدا منطلقاته و خلفياته .
يقول السيد وهبي خلال ندوة منظمة من طرف حزبه في مدينة طنجة “دافعت على تغير القاسم الانتخابي لأن هناك أحزاب مهددة بالاندثار، ولن يصبح لها وجود وهي أحزاب وطنية”، بطبيعة الحال وهبي يعرف ماذا يقصد بهذا القول ، لكن ما اسقطه من رؤيته ، هو الواقع او الاسباب التي ادت الى هذا الوضع و جعلتنا اليوم نصل الى هذه النتيجية التي سماها هو بالاندثار .
فالسيد وهبي خلال هذه الندوة لم يقتصر تصوره للاندثار على حزب معين بل جعل كل الاحزاب الوطنية في سلة واحدة ، فهو يضيف “الأخطر على الديمقراطية أن نصبح حزبين ونقوم بصراع الديكة”، بمعنى ان الكل سيختفي و يبقى حزبه و حزب اخر في الساحة السياسية التي ستتحول الى حلبة للعبث .
من المؤكد ان تصور السيد وهبي الاستشرافي للساحة السياسية ، مبني على واقع سياسي معاش ، للاسف شكل حزبه الاداة الحقيقية و الاساسية لاخراجه الى العلن ، فهو يتكلم عن الاندثار و يتناسى ان هذا الاندثار ليس مبني على عوامل موضوعية او سيرورة مجتمعية طبيعية ادت الى الحديث عنه اليوم ، بل هو مبني على تدليس و على غش و على سرقة مكشوفة و مفضوحة ، جعلت من حزبه و بقدرة قادر يتحول الى جرار داخل الساحة السياسية هدفه الوحيد ضرب و اجثتات الاحزاب الوطنية .
فوهبي نفسه في تصريحات سابقة كان يقول و يشدد على ان حزب الاصالة و المعاصرة يجب ان يتحول الى حزب عادي ، في اعتراف و اقرار ضمني ان حزبه هو سبب الوضعية المأزومة التي تعيشها الحياة السياسية المغربية .
و ما تناساه كذلك السيد وهبي ان حتى الحياة المزعومة التي استشرفها لحزبه في ظل اندثار الاحزاب الوطنية ، تأكد بالملموس انها حياة وهمية ،و ان حزبه فشل في ان يواجه او يقاوم او يتصدى لمشروع الديك الاسلامي الذي وضعه في خانة الاحزاب الحية التي سيقود الصراع ضدها .
ما يجب ان يقر به السيد وهبي ، ان دفاعه عن تغير القاسم الانتخابي ليس من منطلق البحث عن التعددية و التمثيلية السياسية للاحزاب ، بل هو من منطلق الهزيمة و الافلاس السياسي الذي وصله حزبه ، و من منطلق الادوار التخريبية التي قام بها داخل الحياة السياسية ، و من منطلق افتقاد المشروعية السياسية ، و كذلك من منطلق الرفض الشعبي الذي قوبل به حزبه ،و الذي ادى الى استمرار المشروع التحريفي للاسلاميين .
الاحزاب الوطنية مستمرة في عملها و في لعب ادوارها الاساسية ، المتمثلة في تأطير و تكوين المواطنيين ، و في التواجد الفعلي في كل مجالات الحياة المجتمعية ، و في الدفاع عن القضايا الوطنية ، و لا تحتاج من السيد وهبي الحديث عنها ، فهي استطاعت ان تستمر و ان تكون حاسمة في مختلف المحطات السياسية حتى في ظل اوج مسلسل التخريب الذي قاده حزبه .
من المؤكد ان لسخرية القدر دور كبير في مثل هذه الاطلالة و هذه التصريحات غير المتزنة و للسيد عبد اللطيف وهبي التي يريد من خلالها تصوير الاحزاب الوطني و كأنها تستجدي الحياة ، و يبدو هو و كانه المضحي من اجل استمرارها ، لكن هنا استسمح السيد وهبي في اللجوء للمرة الثانية لاحدى العبارات الحصيفة و البليغة للسيد حسن اوريد لايصال معنى ما يقوم به ” ليس يضير الحسناء أن تفتض بكارتها، بل ذلك قدرها لتفيض بالحياة وفق علاقة شرعية معلومة. وما قولك في من تتعفف عن تقديم مقدمتها إبقاءً لبكارة مزعومة وتبذل مؤخرتها” .