وهبي و الاحزاب الوطنية..سخرية القدر!!

علي الغنبوري

و انا اطالع احد المواقع الاخبارية ، استوقفني خبر تحت عنوان  » وهبي :يجب ان نساعد الاحزاب على الحضور بالبرلمان و لا مشكل لدي ان يصبح للاقليات راي  » ، القراءة الاولية لهذا العنوان ستجعلك تعتقد انك امام زعيم حزبي رصين و ديمقراطي يسعى الى خلق التعددية السياسية نبذ الهيمنة و اشراك الكل في العملية السياسية .

لكن سرعان ما ستتبدد امامك هذه القراءة الاولية للعنوان و انت تقرأ ما يتضمنه المقال من مواقف و افكار تحمل في طياتها كثير من الهمز و اللمز بقالب من التهريج و التفكه المثير للسخرية ، خاصة و ان الكل يعرف الرجل و يعلم جيدا منطلقاته و خلفياته .

يقول السيد وهبي خلال ندوة منظمة من طرف حزبه في مدينة طنجة « دافعت على تغير القاسم الانتخابي لأن هناك أحزاب مهددة بالاندثار، ولن يصبح لها وجود وهي أحزاب وطنية”، بطبيعة الحال وهبي يعرف ماذا يقصد بهذا القول ، لكن ما اسقطه من رؤيته ، هو الواقع او الاسباب التي ادت الى هذا الوضع و جعلتنا اليوم نصل الى هذه النتيجية التي سماها هو بالاندثار .

فالسيد وهبي خلال هذه الندوة لم يقتصر تصوره للاندثار على حزب معين بل جعل كل الاحزاب الوطنية في سلة واحدة ، فهو يضيف “الأخطر على الديمقراطية أن نصبح حزبين ونقوم بصراع الديكة”، بمعنى ان الكل سيختفي و يبقى حزبه و حزب اخر في الساحة السياسية التي ستتحول الى حلبة للعبث .

من المؤكد ان تصور السيد وهبي الاستشرافي للساحة السياسية ، مبني على واقع سياسي معاش ، للاسف شكل حزبه الاداة الحقيقية و الاساسية لاخراجه الى العلن ، فهو يتكلم عن الاندثار و يتناسى ان هذا الاندثار ليس مبني على عوامل موضوعية او سيرورة مجتمعية طبيعية ادت الى الحديث عنه اليوم ، بل هو مبني على تدليس و على غش و على سرقة مكشوفة و مفضوحة ، جعلت من حزبه و بقدرة قادر يتحول الى جرار داخل الساحة السياسية هدفه الوحيد ضرب و اجثتات الاحزاب الوطنية .

فوهبي نفسه في تصريحات سابقة كان يقول و يشدد على ان حزب الاصالة و المعاصرة يجب ان يتحول الى حزب عادي ، في اعتراف و اقرار ضمني ان حزبه هو سبب الوضعية المأزومة التي تعيشها الحياة السياسية المغربية .

و ما تناساه كذلك السيد وهبي ان حتى الحياة المزعومة التي استشرفها لحزبه في ظل اندثار الاحزاب الوطنية ، تأكد بالملموس انها حياة وهمية ،و ان حزبه فشل في ان يواجه او يقاوم او يتصدى لمشروع الديك الاسلامي الذي وضعه في خانة الاحزاب الحية التي سيقود الصراع ضدها .

ما يجب ان يقر به السيد وهبي ، ان دفاعه عن تغير القاسم الانتخابي ليس من منطلق البحث عن التعددية و التمثيلية السياسية للاحزاب ، بل هو من منطلق الهزيمة و الافلاس السياسي الذي وصله حزبه ، و من منطلق الادوار التخريبية التي قام بها داخل الحياة السياسية ، و من منطلق افتقاد المشروعية السياسية ، و كذلك من منطلق الرفض الشعبي الذي قوبل به حزبه ،و الذي ادى الى استمرار المشروع التحريفي للاسلاميين .

الاحزاب الوطنية مستمرة في عملها و في لعب ادوارها الاساسية ، المتمثلة في تأطير و تكوين المواطنيين ، و في التواجد الفعلي في كل مجالات الحياة المجتمعية ، و في الدفاع عن القضايا الوطنية ، و لا تحتاج من السيد وهبي الحديث عنها ، فهي استطاعت ان تستمر و ان تكون حاسمة في مختلف المحطات السياسية حتى في ظل اوج مسلسل التخريب الذي قاده حزبه .

من المؤكد ان لسخرية القدر دور كبير في مثل هذه الاطلالة و هذه التصريحات غير المتزنة و للسيد عبد اللطيف وهبي التي يريد من خلالها تصوير الاحزاب الوطني و كأنها تستجدي الحياة ، و يبدو هو و كانه المضحي من اجل استمرارها ، لكن هنا استسمح السيد وهبي في اللجوء للمرة الثانية لاحدى العبارات الحصيفة و البليغة للسيد حسن اوريد لايصال معنى ما يقوم به  » ليس يضير الحسناء أن تفتض بكارتها، بل ذلك قدرها لتفيض بالحياة وفق علاقة شرعية معلومة. وما قولك في من تتعفف عن تقديم مقدمتها إبقاءً لبكارة مزعومة وتبذل مؤخرتها » .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *