يبدو أن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، قد اختار نهج العزلة داخل حزبه، غير عابئ بغليان القواعد الحزبية واستياء القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة من تصرفاته التي وصفت بـ”المتعالية” و”غير المسؤولة”.
فقد كشفت مصادر قيادية بـ”البام” لموقع “هاشتاغ” أن يونس السكوري لم يكتفِ بتمرير مشروع قانون الإضراب دون استشارة حقيقية مع التنظيم الحزبي، بل تجاوز كل الأعراف السياسية والأخلاقية بتجاهله اتصالات المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية، في خطوة اعتبرها البعض محاولة للهروب من المواجهة بعد تفجر الجدل حول مضامين القانون.
هذا السلوك، الذي ينم عن غياب حس المسؤولية السياسية، لم يكن سوى حلقة جديدة في مسلسل التجاهل الذي دأب عليه يونس السكوري داخل حزب الأصالة والمعاصرة، حيث دخل متأخرا إلى اجتماع المكتب السياسي الأخير، قدّم عرضًا “باردًا” حول مشروع قانون الإضراب، ثم غادر القاعة قبل نهاية الاجتماع، متجنبًا أي نقاش أو استفسار من قيادات الحزب، وهو الخروج الذي يوحي بأن الوزير يتصرف وكأن لا سلطة معنوية لحزبه عليه، وكأن التزامه بالحكومة يتجاوز التزامه بالتنظيم الحزبي الذي أوصله إلى المنصب.
داخل “البام”، لم يخفِ عدد من القياديين في تصريحات لموقع “هاشتاغ” امتعاضهم مما وصفوه بـ”استعلاء” يونس السكوري، متهمينه بعدم القدرة على إدارة الملفات الاجتماعية الكبرى، بل واعتبروا أنه بات يمثل عبئًا سياسيًا على الحزب.
وبدأت بعض الأصوات داخل المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة تتحدث عن ضرورة مراجعة موقف الحزب من هذا الوزير، الذي أثبت أنه لا يجيد سوى إشعال الأزمات بدل إطفائها، والذي ظهر وكأنه وزير بلا بوصلة، منفصل عن قواعده الحزبية، ولا يعبأ حتى بتنسيق الحد الأدنى مع قيادته السياسية.
ووفقا لمعطيات متوفرة لموقع “هاشتاغ” فإن التوتر داخل “البام” بسبب قانون الإضراب هو امتداد لحالة احتقان تعكس أزمة أعمق، تتعلق بمنطق تسيير بعض وزراء الحزب، الذين يبدو أنهم أصبحوا أسرى مواقعهم الحكومية، متجاهلين أن شرعيتهم مستمدة أساسًا من قواعدهم التنظيمية، حيث أن يونس السكوري، الذي أراد أن يمرر مشروع قانون الإضراب وفق أجندة تقنية لا سياسية، نسي أن مثل هذه القوانين ليست مجرد نصوص قانونية، بل هي قرارات مصيرية تمس التوازنات الاجتماعية والاستقرار السياسي، وتحتاج إلى تدبير حكيم، لا إلى تبعية لرئيس الحكومة.
فإلى متى سيظل الأصالة والمعاصرة يتحمل تبعات قرارات الوزير يونس السكوري غير المحسوبة؟ وهل بات مرشحًا ليكون أول “كبش فداء” في معركة الحزب لاستعادة مصداقيته أمام قواعده وأمام الرأي العام؟ الأيام المقبلة ستكون كفيلة بالإجابة، لكن الواضح أن الوزير المعني قد حفر لنفسه حفرة عميقة داخل “البام”، وربما داخل الحكومة ككل.