الاتحاد الاشتراكي..5 مداخل لتنفيذ المعارضة المؤسساتية و المجتمعية

مساهمة أولية في النقاش السياسي داخل الاتحاد الاشتراكي حول تنفيذ الحزب للمعارضة المؤسساتية و المجتمعية

علي الغنبوري (مناضل اتحادي)

ما خلص اليه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، و هو يتخذ قراره بالاصطفاف داخل المعارضة ، ليس مجرد موقف عابر ، املته ظروف عدم دخوله الى التحالف الحكومي ، بل هو رصد حقيقي لاختلال مركزي يستهدف الحياة السياسية برمتها ، و يسعى لفرض منطق مهيمن و اقصائي لكافة القوى السياسية بالبلاد ، و يهدف إلى اقرار تغول سياسي جارف ، الغرض الأساسي منه، الانقضاض على المؤسسات الوطنية ، و إعادة ترتيب اوراق الساحة السياسية بمنطق يجعل المال هو المتحكم في كل شيء.

صحيح ان خروج الاتحاد الاشتراكي للمعارضة ، أعقبته توجهات تنظيمية جديدة ، من خلال الدعوة إلى مؤتمر وطني للحزب يفرز قيادة جديدة ، و كذلك من خلال رسم معالم سياسية واضحة لخطه السياسي المعارض ، لكن هذه الخطوات و ان كان لها دور في تمكين الحزب من لعب ادواره داخل المعارضة ، فإنها تبقى غير كافية و غير مفصلية في ربح رهان المعارضة ، و حماية الساحة السياسية من التغول الذي يواجهها و يسعى الى قتلها .

الرهان على التغير التنظيمي ، كمعيار محدد لممارسة المعارضة ، سيكون رهانا فاشلا و بدون اي أثر ، خاصة و ان القيادة الحالية كانت جد فعالة تنظيميا و سياسيا ، و استطاعت أن تحافظ على الحزب و ان تمكنه من الرجوع بقوة انتخابيا ، فما يحتاجه الاتحاد الاشتراكي اليوم ، هو مشروع متكامل و مترابط ، يستطيع من خلاله الحزب كسب رهان المعارضة المؤسساتية ، و تجاوز نقاط الضعف التي قد تعتريها ، من خلال معارضة مجتمعية واعية و مسؤولة ، قادرة على تعبئة ابناء الشعب المغربي ،و تجسيد الخيارات الحداثية الديمقراطية داخل قلب المجتمع .

ممارسة الاتحاد الاشتراكي للمعارضة اليوم ، هي مسؤولية وطنية قبل كل شيء ، و هي كذلك حمل ثقيل على عاتق الحزب ، يجب ان يهدف معها إلى استعادة الحياة السياسية لطبيعتها العادية ، او ان يفك عنها الحصار الذي ضربه التغول الثلاثي ، و ان يفرض فرز مجتمعي حقيقي ، يعيد للتنافس السياسي منطقه ، و يقوي البناء المؤسساتي الوطني ،وفق قواعد الديمقراطية الحقيقية .

و من هنا تبرز 5 مداخل أساسية لمشروع المعارضة الاتحادية ، التي ستمكن الحزب من مواصلة صحوته التنظيمية و السياسية ، و ستمكنه كذلك من لعب ادواره السياسية ، بكل قوة و وهج ، و تجعله قادر على صيانة المكتسبات الديمقراطية للشعب المغربي ، و مواجهة كل محاولات النكوص التي قد تظهر جراء الاختلال السياسي الذي فرضه التحالف الحكومي الحالي .

1 الواجهة المؤسساتية

ان وجود الاتحاد الاشتراكي ، بالمؤسسات المنتخبة ليس بالضعف الذي يتصوره البعض ، بل بالعكس فوجود الاتحاد بهذه المؤسسات ، هو وجود محترم و يلبي الشروط الضرورية للمعارضة و لمراقبة تدبير و تسير الشأن العام ، لكنه يحتاج في المقابل لمواكبة و تتبع مستمر و متواصل للحزب ، الى جانب برلمانييه و مستشاريه المحليين و الجهويين ، بما يسمح لهم بتنزيل قرارات و توجهات الحزب ، و يعطيها الزخم المؤسساتي المطلوب ، و يحتاج كذلك لربط هذه الواجهات ربطا حقيقيا بالحزب ، بما يضمن له القدرة على انجاح هذا التواجد .

ولن يتم هذا الامر الا بخلق الحزب لهيئتين وطنيتين داخل تنظيمه الحزبي ، تضمان اطر و كفاءات الحزب في مختلف المجالات ، يكون دورهما ، أولا مواكبة الفريقين البرلمانيين للحزب بكل من مجلس النواب و المستشارين ، و تمكينهم من مختلف الافكار و الاقتراحات التي تتماشى مع مواقف و مبادئ الحزب ،و ثانيا مواكبة المستشاريين الجماعيين محليا ، و خاصة الجماعات التي يسيرها الحزب ، و العمل على انجاح هذه التجارب بما يتوافق مع رؤية و توجهات الحزب .

2 الواجهة الإعلامية

الاتحاد الاشتراكي محتاج اليوم ، الى تعزيز حضوره الاعلامي ، من خلال تقوية مؤسساته الإعلامية ، و تمكينها من مقومات الانخراط الفعال في التطورات المتسارعة التي فرضتها النهضة التكنولوجيا ، و التعبير الحر عن الواقع المجتمعي ، و مواكبة مختلف الحركيات التي يعرفها المجتمع ، و يحتاج كذلك إلى دعم المشاريع الإعلامية الجديدة و المستقلة ، و بناء علاقة الثقة و الموضوعية مع باقي مكونات المشهد الإعلامي المغربي .

هذا بالإضافة إلى مواصلة و مضاعفة المجهودات الجبارة المبذولة لتعزيز حضوره بشبكات التواصل الاعلامي ، و جعلها في قلب استراتيجيه الإعلامية ، و العمل الجاد و الموضوعي ، على التأثير فيها ،و جعلها أداة حقيقية لتصريف خطابه و مواقفه .

3 الواجهة النقابية

ان قوة تواجد الاتحاديات و الاتحاديين اليوم بالمجال النقابي ، اصبح حتميا و اكثر طلبا من اي وقت مضى ، ففعالية العمل النقابي لمواجهة التراجعات الاجتماعية التي قد تنتج عن العمل الحكومي ، غير قابلة للنقاش ، و هي ضرورة قصوى تكمل العمل السياسي للحزب ، و تمكنه من أوراق ضغط كبيرة .
للاسف الواقع النقابي اليوم يواجه اختلالا كبيرا يصب في صالح التحالف الحكومي الحالي ، بوجود نقابتين مركزيتين ضمن النقابات الثلاث الأكثر تمثيلية ، في صف هذا التحالف ، ستسعيان بلا شك الى تسهيل مهمته ، لهذا فالاتحاد الاشتراكي ، من خلال مناضليه النقابيين ، يجب ان يسعى الى تجاوز هذا الاختلال ، عبر تقوية المركزية النقابية المقرب منه ، و البحث الموضوعي و الجدي عن صيغ تنسيق قوية مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، لا تلغي اي امكانيات تقارب تنظيمي بينهما ، ستشكل بلا شك قوة نقابية قادرة على مواجهة التحالف الحكومي الحالي .

4 الواجهة المدنية

ساهم الاتحاد الاشتراكي منذ نشأته ، في بناء كل الهيئات الموازية للبناء المؤسساتية المغربي ، من جمعيات للمهندسين و الاطباء و الفنانين و الصحفيين و الأساتذة الجامعيين و غيرها من الهيئات التمثيلية للفئات المجتمعية المختلفة ، بالإضافة إلى مختلف الجمعيات الوطنية الأولى المعنية بالتأطير الوطني للشباب ، اليوم الحزب مطالب بإعادة تقوية حضوره في هذه الهيئات و إعادة الوهج اليها ، من خلال مناضلاته و مناضليه ، و العمل على استعادتها لمبادرتها المدنية كواجهات حقيقية للتمثيلية الشعبية ، و للتصدي لمختلف التوجهات النكوصية .

الاتحاد الاشتراكي مطالب كذلك ، بتنزيل توجه مدني جديد و مبدع ، يعمل من خلاله على الانخراط القوي و الفعال في مختلف الاشكال الجديدة للعمل المدني و الجمعوي ، يمكنه من الانغراس القوي داخل المجتمع ، و من إعادة توجيه هذا المجال بما يخدم المصلحة الوطنية .

5 الواجهة السياسية

ما صرح به الاستاذ ادريس لشكر خلال الندوة الصحفية التي عقدها الحزب لإعلان خروجه للمعارضة ، يصلح بشكل كبير ليؤطر التوجه السياسي للحزب خلال هذه المرحلة ، فالحزب مطالب بتبني خطاب سياسي واضح لا يقف في منزلة بين المنزلتين ، فالمعارضة يجب أن تبنى على خطاب سياسي واضح ، رافض للتغول الثلاثي الذي يتحكم في الحكومة الحالية ، و مواجه لاي ارتدادادت او نكوص قد يطال مكتسبات الشعب المغربي ، و يجب ان يقدم معارضة وطنية بناءة ، تستحضر المصالح الوطنية قبل كل شيء ، و تبتعد عن منطق ردود الافعال ، و يسير في اتجاه بروز خطاب اتحادي موضوعي و تابث ، لصيق بهموم و تطلعات الشعب المغربي .

توجه الاتحاد الاشتراكي في المرحلة الحالية ، يجب ان يسير في اتجاه تقوية التوجهات الحداثية و التقدمية ، و ان يعمل على تعزيز الجبهة الديمقراطية ، و ان ينفتح على مختلف التعابير المجتمعية الحداثية الديمقراطية ، و يؤكد بشكل واضح على أفقه الوطني .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *