19 مناورة و276 زيارة عسكرية.. أرقام ترصد صعود الصين كلاعب عسكري رئيسي في إفريقيا

هاشتاغ _ الرباط

كشف تقرير حديث صادر عن مركز “إفريقيا للدراسات الاستراتيجية” عن تنامي الحضور العسكري الصيني في القارة الإفريقية، مشيرًا إلى أن هذا التوسع يمثل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية لبكين. وأوضح التقرير أن الصين توظف التدريبات العسكرية المشتركة مع الجيوش الإفريقية لتعزيز مكانتها الجيوستراتيجية واختبار قدراتها القتالية ضمن بيئات أمنية معقدة.

وتطرق التقرير إلى مناورة “سلام الوحدة 2024” التي نُفذت هذا العام مع القوات التنزانية والموزمبيقية، بمشاركة نحو ألف جندي صيني واستخدام 20 نوعًا من الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والمدفعية الثقيلة. واعتبر التقرير أن مثل هذه التدريبات تُظهر قدرة الصين المتزايدة على نشر قواتها عبر مسافات طويلة، مما يعكس أهمية إفريقيا في الاستراتيجية العسكرية الصينية.

وأشار التقرير إلى أن الصين تعتمد على عقيدة عسكرية جديدة قائمة على استراتيجيات مثل “الانفتاح على الخارج” و**“المهام التاريخية الجديدة”**، والتي تهدف إلى حماية مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية المتنامية، من موارد الطاقة والبنية التحتية إلى تأمين طرق الشحن وحماية رعاياها بالخارج. واستشهد التقرير بحالات إجلاء المواطنين الصينيين من مناطق مضطربة مثل ليبيا وجنوب السودان وإثيوبيا كدليل على تطبيق هذه الاستراتيجية.

وأبرز التقرير التحول الجذري في مشاركة الصين العسكرية داخل إفريقيا؛ إذ أصبحت شريكًا رئيسيًا في عمليات حفظ السلام بعد أن كانت في موقع متأخر. اليوم، تساهم الصين بأكبر عدد من قوات حفظ السلام بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، إلى جانب تدريبها المتزايد للكوادر العسكرية الإفريقية.

وفي سياق استعراض الأرقام، أشار التقرير إلى أن الصين نفذت منذ مطلع القرن الحالي 19 تدريبًا عسكريًا، و44 زيارة بحرية للموانئ، و276 زيارة عسكرية لإفريقيا. كما أرسلت 24 فريقًا طبيًا عسكريًا ومدنيًا لأكثر من 48 دولة إفريقية، مما يُظهر سعيها لتحقيق حضور متكامل يجمع بين النفوذ العسكري والدبلوماسي.

وتطرق التقرير إلى دور “منتدى التعاون الصيني الإفريقي” كأداة لتعزيز التواجد العسكري الصيني، حيث أصبحت قضايا مثل بناء قدرات حفظ السلام ومكافحة الإرهاب جزءًا من أجندة التعاون. كما تُعزز الصين حضورها من خلال منصات مثل “منتدى السلام والأمن الصيني الإفريقي” و**“منتدى الشرطة وإنفاذ القانون”**، مما يساعدها في نشر معاييرها الأمنية وتعميق شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الإفريقية.

في المقابل، ورغم إشادة الحكومات الإفريقية بالتعاون العسكري مع الصين باعتباره فرصة للاستفادة من جيش حديث ومتطور، أشار التقرير إلى مخاوف متزايدة حول تأثير هذا التقارب، مع دعوات لإدارة هذه الشراكات بحذر لتجنب الانخراط في صراعات التنافس الدولي.

واختتم التقرير بأن التوسع العسكري الصيني في إفريقيا يأتي في إطار رؤية الصين الكبرى لتحقيق “النهضة العظمى للأمة الصينية بحلول 2049”، وهو هدف يتطلب تطوير القدرات القتالية للجيش الصيني وبسط نفوذه عالميًا. وتظل القارة الإفريقية، وفقًا للتقرير، ساحة مثالية للتدريب الواقعي وبناء الجاهزية القتالية للصين في ظل استمرار طموحاتها الجيوستراتيجية.