الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية… منصب استراتيجي في مهب التجاذبات

الرباط/ الزوهري خالد
بعد منصب الكاتب العام بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة من أكثر المناصب حساسية داخل الجهاز الإداري للدولة، نظراً لدوره المحوري في تنسيق السياسات وتنفيذ التوجيهات الوزارية، فضلاً عن إشرافه المباشر على دواليب التدبير اليومي للقطاع، الذي يعد من أكثر القطاعات تعقيداً وتشابكاً في المملكة.

في الآونة الأخيرة، عاد هذا المنصب إلى واجهة النقاش العمومي، بعد الإعفاء المفاجئ للكاتب العام السابق يونس السحيمي، وتعيين الحسين القضاض، المفتش العام للوزارة، كاتباً عاماً بالنيابة. خطوة فسّرتها مصادر داخل الوزارة بكونها نتيجة لصراعات داخلية بين تيارات سياسية ونقابية متنافسة، تسعى كل منها إلى فرض نفوذها داخل قطاع التعليم.

وتشير معطيات مؤكدة إلى أن الحسين القضاض يواجه حالياً حملة ضغط متزايدة من طرف بعض النقابات، ما يُفهم منه أن بقاءه في هذا المنصب قد لا يكون سوى مرحلة مؤقتة في انتظار الحسم في تعيين رسمي. وفي هذا السياق، يبرز اسم محمد أضرضور، مدير الموارد البشرية، كمرشح قوي لخلافته، خاصة بعد قرار الوزير محمد سعد برادة تمديد مهامه رغم بلوغه سن التقاعد.

ويُنظر إلى الكاتب العام للوزارة باعتباره الذراع التنفيذي للوزير، والمسؤول عن التنسيق بين المديريات المركزية والجهوية، وضمان استمرارية الأداء الإداري في ظل التغيرات الحكومية أو الحزبية. لذلك، فإن اختيار شخصية لهذا المنصب لا يجب أن يُبنى على خلفيات سياسية أو انتماءات نقابية، بل على الكفاءة، والخبرة، والقدرة على الاستقلالية والتجرد.

لكن الواقع يُظهر أن هذا المنصب كثيراً ما كان ضحية لحسابات الولاء السياسي، كما حصل في تجارب سابقة، حيث طفت على السطح اتهامات بالانحياز لنقابات معينة، أو بالارتباط بتيارات حزبية نافذة، وهو ما يضر بمصداقية الإدارة ويقوض أسس الحكامة الجيدة التي تُعتبر ركيزة لأي إصلاح تربوي جاد.

وسط كل هذا، يظل السؤال مطروحاً: هل تنجح وزارة التربية الوطنية في تعيين كاتب عام يكون على مسافة واحدة من جميع الفرقاء، ويضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار؟ أم أن منطق المحاصصة سيستمر في توجيه دفة التعيينات داخل هذا القطاع الحيوي؟