هاشتاغ/متابعة
في خطوة جديدة تُظهر حجم التنافس الجيوسياسي المتنامي في إفريقيا، كشفت روسيا عن تعزيز وجودها العسكري في مالي، وذلك من خلال نشر صورة لمركباتها القتالية من طراز BMP-3 على الصفحة الرسمية لما يعرف بـ”فيلق إفريقيا” (REK)، وهي وحدة شبه عسكرية خاضعة لإشراف مباشر من السلطات الروسية.
وتزامن هذا الإعلان مع تصاعد التوترات العسكرية في شمال مالي، حيث يخوض الجيش مواجهات عنيفة مع متمردي “أزواد” الانفصاليين. ورغم أن الصورة لم تحدد الموقع الجغرافي بدقة، فإن موقع “الدفاع العربي”، المتخصص في الشؤون العسكرية، رجّح أن تكون ملتقطة داخل الأراضي المالية، مستنداً إلى تقارير سابقة تحدثت عن تحركات لقوافل روسية نحو الدولة الواقعة في قلب منطقة الساحل.
ويأتي ظهور BMP-3، وهي من أبرز مركبات المشاة القتالية الروسية المعروفة بقوتها النارية العالية، في سياق تعويض تدريجي لعناصر مجموعة “فاغنر” السابقة، التي خفّ نشاطها عقب التغييرات الأخيرة في القيادة الروسية وتصفية قائدها يفغيني بريغوجين.
وتشكل هذه المركبات، المزودة بمدفع عيار 100 ملم قادر على إطلاق الصواريخ والقذائف، ومدفع ثانوي عيار 30 ملم، ثلاث رشاشات من عيار 7.62 ملم، ركيزة دعم ميداني رئيسية في المعارك الحضرية والمفتوحة.
في موازاة ذلك تأتي هذه التحركات الروسية في وقت يشهد تصعيداً دبلوماسياً غير مسبوق بين الجزائر ومالي، بلغ ذروته منذ حادثة إسقاط طائرة مسيرة مالية داخل الأراضي الجزائرية خلال مطاردة مسلحين تتهم باماكو الجزائر بدعمهم. وتُوّج هذا التوتر في 6 أبريل 2025 بقرار مالي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الجزائر، لتتبعها النيجر وبوركينا فاسو، في خطوة تعكس عمق الأزمة داخل محور الساحل.
الرد الجزائري تمثل في إغلاق المجال الجوي أمام الطيران المالي، وهو ما قابلته باماكو بخطوة مماثلة، لتتواصل القطيعة بسحب السفراء وتعليق التنسيق الثنائي والإقليمي، في مشهد يعكس هشاشة التوازنات داخل منطقة الساحل وشمال إفريقيا.
وفي سياق آخر ذي صلة، وجهت موسكو رسالة دبلوماسية واضحة للجزائر من خلال استقبال الرئيس فلاديمير بوتين لقائد “الجيش الوطني الليبي” خليفة حفتر، وللنقيب إبراهيم تراوري، رئيس السلطة الانتقالية في بوركينا فاسو، وهما من أبرز خصوم الجزائر في المنطقة. اللافت أن الزعيمين تمت دعوتهما إلى احتفالات الذكرى الـ80 لعيد النصر في روسيا، وشاركا في العرض العسكري بالساحة الحمراء، في غياب تام للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وأثارت هذه الخطوة استغراباً كبيراً في الجزائر، خاصة لدى وسائل الإعلام المقربة من دوائر القرار، بالنظر إلى حساسية العلاقات بين البلدين، وتاريخ التعاون العسكري الطويل.
وتزيد هذه التحركات الروسية من تعقيد المشهد السياسي في إفريقيا، حيث تتداخل المصالح الإقليمية مع التحالفات الدولية، وسط سباق محموم على النفوذ والموارد.