دعم الفلاحين ما بين: إغراء الصورة وعبثية التنفيذ

بقلم: مصطفى العراقي

أعلنت الحكومة قبل أيام، من خلال مجلسها الأسبوعي، عن إجراءات لحماية قطيع الماشية بالمغرب. ألغت جزئيا ديون عدد من الفلاحين، وحددت أسعار مواد العلف، و… وجاءت إجراءاتها بعد اجتماع وزاري قدّم فيه جلالة الملك توجيهات لفريق رئيس الحكومة عزيز أخنوش لحماية قطيع الماشية، خاصة الأغنام.

تضمّن بلاغ الحكومة أرقامًا وتصنيفات وأسعارا… شكّلت تفصيلا لدعم يبلغ 3.6 مليار درهم، ورسمت صورة مغرية لمواجهة جفافٍ توالى على بلادنا، فقدت معه زرعا وضرعا، وأفقد صغار الفلاحين، بل حتى متوسطيهم، رأسمالهم كله أو جزءًا منه. وتركَتهم الحكومة عرضةً لمضاربات المضاربين في مواد العلف وجشعهم. وتضاعفت أسعار العلف من شعير ونخالة ومواد مركّبة بشكل صاروخي، مما اضطر آلاف الفلاحين إلى بيع مواشيهم بأثمان بخسة، بدل أن تموت أمام أعينهم…

جاءت الإجراءات الحكومية غداة كشف أطراف من أغلبيتها عن أرقام دعم تم تقديمها إلى “فلاحين” لاستيراد أغنام وأبقار، وصلت إلى أرقام خيالية، ومن قائل إنه بلغ 18 مليار درهم… وأن هناك حديثًا عن تلاعبات طالت هذا الدعم…

إذا صح رقم 18 مليار، فإنه رقم يمثّل ثلاثة أضعاف الدعم الذي قدّرته الحكومة للفلاحين سنة 2026، وهو مبلغ يُقال إن 270 مستوردًا استفادوا منه، في الوقت الذي يبلغ عدد الفلاحين ببلادنا 1.6 مليون شخص… وبصيغة أخرى، فإن 0.018% حصلوا على دعم قيل، في أكثر من مصدر، إنه بلغ 18 مليارا، في حين أن الحكومة خصّصت، في برنامجها الذي أطلقت عليه “البرنامج الموجّه لدعم مربي الماشية وتحسين أوضاعهم، وإعادة تشكيل القطيع الوطني بشكل مستدام”، خصّصت له فقط 3.6 مليار درهم. ودون شك، فإن ضمن الـ270 مستوردا، هناك فلاحون سيأكلون من كعكة هذا الرقم…

الصورة المغرية التي رسمها بلاغ المجلس الحكومي قد تفقد ألوانها أثناء التنفيذ. فهناك تباين في المجال، إذ يوجد فلاحون في مناطق بحاجة إلى دعم تفضيلي، وهناك لوائح يجب تدقيقها، أو لنقل تنقيتها، من الذين تسربوا إليها وهم ليسوا بكسابة ولا مربين للمواشي. وهناك جيش من المضاربين استطاعوا، مثلا، أن يدفعوا ثمن الكيلو الواحد من الشعير إلى 5 دراهم، وها هي الحكومة تحدده في 1.5 درهم… وهناك دعم إناث الغنم، التي لا يخضع جزء منها إلى إحصاء، أو هناك إحصاءات وهمية قد تُدرج في لوائح الدعم…

وباختصار: هل ستحافظ تلك الصورة التي… على ذلك الذي… أمام معطيات هذا الواقع؟ هل سيفقدها عبث التنفيذ أهدافها النبيلة؟ أيّ ضمانة كي لا يتحول هذا الدعم إلى حملة انتخابية لهذا الطرف أو ذاك؟