عقوبات بدون حبس.. هل هذا هو مستقبل العدالة في المغرب؟

مولاي العربي أحمد
دخل قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضية، في خطوة وصفها الكثيرون بأنها تحول نوعي في إصلاح المنظومة القضائية المغربية. يأتي هذا القانون ضمن سلسلة إصلاحات سبقها إنشاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي يسهر عليه الملك شخصياً، بهدف تخفيف الضغط عن السجون وتحديث المنظومة الجنائية.

الهدف من هذه العقوبات هو إعادة إدماج الجانحين في المجتمع بدلاً من حبسهم في ظروف قد تكون سبباً في تفاقم الجريمة. فقد أثبتت التجارب السابقة أن سجن أشخاص على ذمة قضايا بسيطة لا يردعهم بالضرورة، بل قد يعيدهم إلى السجون لاحقاً، بعد ارتكاب جرائم أخرى. القانون الجديد يستثني الجرائم الخطيرة مثل الإرهاب والاختلاسات المالية الكبرى والاعتداءات الجنسية على القاصرين، ليظل التركيز على الجنايات البسيطة وأولئك الذين لم تتكرر عليهم السوابق العدلية.

من أبرز آليات القانون العمل لخدمة الصالح العام، والسوار الإلكتروني للمراقبة، والغرامات اليومية، فضلاً عن البرامج التأهيلية والعلاج النفسي أو لمكافحة الإدمان حسب الحاجة. كما حدد القانون سقف العقوبات البديلة للأحكام التي تقل عن خمس سنوات، مع ضرورة عدم وجود حالة عود لدى المحكوم عليه، ما يجعله أداة متوازنة بين العقاب والإصلاح الاجتماعي.

مع ذلك، لم يخلُ تطبيق القانون من جدل في المجتمع. هناك من وصفه بالخطوة الإيجابية التي تساهم في تخفيف الاكتظاظ في السجون وتحسين الظروف الصحية للنزلاء، بينما اعتبره آخرون مخرجا للأغنياء من العقوبة الحبسية مقابل دفع غرامات مالية، ما يترك السجن حكراً على الفقراء. ورغم هذا الجدل، يرى الخبراء أن نجاح القانون يعتمد على كفاءة المؤسسات المكلفة بتطبيقه، وتوفير الموارد التقنية والبشرية اللازمة للمراقبة والتأهيل.

في النهاية، يمكن القول إن العقوبات البديلة تمثل فرصة حقيقية لإعادة التفكير في العدالة الجنائية بالمغرب، بحيث تتحول من مجرد عقوبة إلى آلية لإصلاح الجانحين وحماية المجتمع، شريطة تطبيقها بنزاهة وشفافية، دون أن تتحول إلى أداة للتمييز الاجتماعي أو المالي.