حميد البوكيلي
مع إحياء الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، تعود وسائل إعلام إسبانية إلى إعادة قراءة هذا الحدث التاريخي الذي غيّر مسار الصراع في الصحراء، مسلّطة الضوء على روايات تقول إنها بقيت “خارج الصورة” التي نقلتها كاميرات العالم سنة 1975.

ففي 6 نونبر 1975، ظهرت “المسيرة الخضراء” كحشد ضخم من المدنيين المغاربة الذين عبروا منطقة “الطاح” حاملين الأعلام والقرآن، في مشهد قدّمه الملك الراحل الحسن الثاني حينها كـ”مسيرة سلمية لاسترجاع الأقاليم الجنوبية”.
لكن تحقيقاً يسلّط الضوء على عمليات عسكرية متزامنة تتحدث عنها مصادر إسبانية وسعودية وساحلية لم تُعرض على التلفزيون حينها.
روايات حول تحرّكات عسكرية قبل انطلاق المسيرة
وفق المقال، تشير معطيات تاريخية إلى أن قوات من الجيش المغربي دخلت من مناطق حدودية شرقية قبل أيام من المسيرة، في الوقت الذي كان الجيش الإسباني يتلقى أوامر بعدم المواجهة بسبب الوضع الصحي الحرج للجنرال فرانكو.
وتُبرز الرواية الإعلامية أن المشهد التلفزيوني الذي ظهر للعالم كان جزءاً من استراتيجية سياسية وإعلامية ضخمة، بينما بقيت التحركات العسكرية بعيدة عن التغطية الدولية.
الولايات المتحدة ودورها في سياق الحرب الباردة
يُشير التقرير إلى وثائق أمريكية تعود لتلك الفترة، معتبرة أن واشنطن لعبت دوراً محورياً في رسم ملامح العملية، انطلاقاً من سياق الحرب الباردة والمصالح الاستراتيجية في شمال إفريقيا.
وتقول إن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، هنري كيسنجر، أعطى الضوء الأخضر لدعم العملية، في وقت كانت فيه إسبانيا تعيش آخر أيام حكم فرانكو.
إسبانيا بين الانسحاب والاتهامات التاريخية
بعد ثلاثة أسابيع من المسيرة، وقّعت مدريد اتفاقيات مدريد الثلاثية في 14 نونبر 1975، التي أنهت وجودها في الصحراء.
ويشير التقرير إلى أن العديد من العسكريين الإسبان ظلوا لعقود يعتبرون ما حدث “انسحاباً مضطرباً”، بينما تظل هذه المرحلة محور جدل تاريخي بين إسبانيا والمغرب وجبهة البوليساريو.
كما يذكّر المقال بأن مجلس الأمن أصدر يوم 6 نونبر 1975 قراراً يدعو إلى وقف المسيرة، لكنه لم يمنع التطورات السياسية التي تلتها.
50 عاماً بعد المسيرة… مشهد إقليمي جديد
يخلص التقرير إلى أن الصراع دخل اليوم مرحلة مختلفة تماماً، بعدما اعتمد مجلس الأمن في أكتوبر 2025 مبادرة الحكم الذاتي المغربية كأساس للتسوية، وهو ما اعتبرته الرباط انتصاراً دبلوماسياً، في حين تراه جبهة البوليساريو “نكسة جديدة”.
ويؤكد المقال الإسباني أن هذا التحول يعيد النقاش حول دور إسبانيا التاريخي ومسؤوليتها القانونية، وفق تصنيف الأمم المتحدة التي تعتبر مدريد “القوة المديرة” للإقليم حتى اليوم.






