هاشتاغ _ الرباط
تشهد صناعة النبيذ في المغرب تطورًا ملحوظًا، حيث أصبحت المملكة تحتل المرتبة 36 عالميًا بإنتاج سنوي يصل إلى 40 مليون زجاجة. هذا التقدم يعكس جودة النبيذ المغربي وقدرته على المنافسة في الأسواق العالمية، ليصبح ثاني أكبر منتج للنبيذ في القارة الأفريقية بعد جنوب أفريقيا، رغم الفارق الكبير في مساحة المزارع بين البلدين.
ويمتلك المغرب تاريخًا عريقًا في زراعة العنب وصناعة النبيذ، يعود إلى حقب الفينيقيين والرومان، حيث ازدهرت زراعة الكروم في مناطق مثل فاس، وتميز نبيذ “موريتانيا تنجيتانا” بجودته التي جعلته يحظى بمكانة مرموقة في الإمبراطورية الرومانية. كما أشار الجغرافي اليوناني باوسانياس إلى شهرة العنب في منطقة ليكس، التي كانت تمد موائد النبلاء في حوض البحر الأبيض المتوسط.
فترات الاستعمار البرتغالي والفرنسي ساهمت في توسيع مساحة مزارع الكروم وتطوير الصناعة، إلا أن القرن التاسع عشر شهد تحولات حاسمة بعد تفشي مرض الفيلوكسرا، مما أدى إلى انتقال زراعة العنب إلى التربة الرملية المقاومة للمرض. ومن بين المحطات الفارقة، معاهدة روما عام 1967 التي غيرت ديناميات التصدير، حيث دفعت المنتجين المغاربة للتركيز على الجودة وتطوير السوق المحلية.
وتتنوع أصناف النبيذ المغربي لتشمل الأحمر والأبيض والوردي والرمادي، وتتميز بجودتها التي تضاهي إنتاج مناطق فرنسية شهيرة. ورغم التقدم المحرز، تواجه الصناعة تحديات بيئية، من بينها الجفاف وتغير المناخ، لكن يتم العمل على تطوير أصناف مقاومة للجفاف واستخدام تقنيات الري الذكي.
وتمثل صناعة النبيذ في المغرب قطاعًا اقتصاديًا واعدًا يجمع بين التراث والابتكار، ومع الاهتمام المتزايد بالسياحة الزراعية وتوسيع الأسواق الخارجية، يُتوقع أن يشهد هذا القطاع مزيدًا من النمو والتطور في المستقبل.