50 مليار درهم في مهب الريح؟ أين اختفت أموال المخطط الأخضر؟

في ظل تصاعد الجدل حول تدبير المال العام، يطرح السؤال الحارق: أين ذهبت 50 مليار درهم التي رُصدت للمخطط الأخضر؟ هذا المشروع، الذي قُدم على أنه ثورة زراعية ستضمن الأمن الغذائي وتحسن ظروف الفلاحين، لم ينجح في كبح ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، ولم ينعكس أثره الإيجابي على صغار الفلاحين الذين يواجهون اليوم أزمات متتالية بسبب الجفاف والتكاليف المرتفعة للإنتاج.

محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، دق ناقوس الخطر بشأن مصير هذه الأموال، متسائلًا عن كيفية توزيعها والجهات التي استفادت منها، ومؤكدًا أن المجلس الأعلى للحسابات مطالب بفتح تحقيق شفاف يحدد أوجه الصرف والمسؤوليات.

فبينما كان يفترض أن يكون هذا المخطط رافعة للنهوض بالقطاع الفلاحي، تحوّل إلى فرصة لاغتناء فئة معينة من كبار الفلاحين والوسطاء الذين استفادوا من دعم سخي دون أن ينعكس ذلك على السوق أو على صغار المنتجين.

الفساد، بحسب الغلوسي، لم يعد مجرد ممارسات معزولة، بل أصبح معيقًا للتنمية في المغرب، حيث تتفشى مظاهر الرشوة ونهب المال العام، مما يعمّق الإحساس بالظلم ويفاقم أزمة الثقة في المؤسسات.

ورغم وجود تقارير رسمية تشير إلى اختلالات في تدبير عدد من البرامج الكبرى، مثل المخطط الأخضر وصندوق تنمية العالم القروي والبرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، فإن المحاسبة غالبًا ما تقتصر على المنتخبين المحليين والموظفين الصغار، بينما تبقى الشخصيات النافذة والجهات الكبرى بعيدة عن أي مساءلة.

تساؤلات كثيرة تُطرح حول مدى قدرة المؤسسات الرقابية على فتح هذا الملف وكشف المستور. هل سيتم التحقيق في حقيقة ما جرى؟ أم أن المحاسبة ستظل مجرد شعار يُرفع عند الحاجة دون أي أثر ملموس؟ والأهم من ذلك، متى ستدق ساعة الحقيقة، ويُحاسب المسؤولون عن هدر المال العام؟