81% من المغاربة: المعلومات العامة ليست لنا!

هاشتاغ _ الرباط

كشف تقرير صادر عن شبكة “الباروميتر الإفريقي” عن تحديات جسيمة يواجهها المغاربة في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بخطط التنمية المحلية وميزانياتها، حيث أظهرت النتائج أن 81 بالمائة من المواطنين يرون أن إمكانية الحصول على هذه المعلومات شبه مستحيلة.

وتسلط هذه النسبة الضوء على إشكالية عميقة في تطبيق قوانين الحق في الوصول إلى المعلومات في المغرب، رغم التقدم التشريعي الذي شهده هذا المجا، حيث لا يزال المغرب، الذي انضم إلى مبادرات دولية مثل شراكة الحكومة المفتوحة لتعزيز الشفافية والمساءلة، يواجه صعوبات كبيرة على مستوى التنفيذ العملي لهذه الالتزامات.

ووفقًا للتقرير، فإن النسبة نفسها، 81 بالمائة، من المغاربة يعبرون عن قناعتهم بعدم إمكانية الاطلاع على العقود العامة المحلية، مما يعكس ضعفًا مؤسسيًا واضحًا في هذا المجال. مقارنة بدول إفريقية أخرى شملها المسح، يحتل المغرب مرتبة متأخرة، مما يضعه ضمن البلدان التي تعاني من نقص كبير في الشفافية والحوكمة الرشيدة.

واعتمد التقرير على استطلاعات رأي شملت أكثر من 53 ألف مشارك من 39 دولة خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى 2023. وخلص إلى أن 55 بالمائة فقط من المواطنين الأفارقة يرفضون فكرة احتكار المعلومات العامة من قبل الحكومات، إلا أن الواقع العملي يظهر عكس ذلك، حيث يواجه أغلبهم تحديات كبيرة في الحصول على هذه المعلومات.

وتبرز في المغرب، تحديدًا، إشكالية في القطاع التعليمي، حيث يرى 19 بالمائة فقط من المواطنين أن بإمكانهم الاطلاع على ميزانيات المدارس المحلية، وهي نسبة أقل بكثير من المتوسط الإفريقي البالغ 39 بالمائة.

نقص الشفافية في المغرب لا يُختزل في كونه مشكلة تقنية تتعلق بقصور في الأنظمة أو السياسات فقط، بل يرتبط بجذور أعمق تتصل بمستويات الثقة بين المواطنين والمؤسسات العامة، حيث أن المغاربة الذين يجدون صعوبة في الوصول إلى المعلومات العامة يميلون إلى تصور أن المسؤولين الحكوميين، على كافة المستويات، ضالعون في الفساد. هذه التصورات تؤدي إلى تفاقم أزمة الثقة بين المواطن والدولة، وهو ما يظهر جليًا في تدني مستويات الثقة في المسؤولين المحليين وأعضاء البرلمان.

ولم يحفق القانون المغربي الذي يضمن الحق في الوصول إلى المعلومات، والذي دخل حيز التنفيذ في عام 2019، بعد النتائج المرجوة بسبب عدة عراقيل، حيث أن ضعف الوعي بين المواطنين بشأن حقوقهم القانونية، وغياب الإرادة السياسية لتعزيز الشفافية، إضافة إلى القصور المؤسسي، كلها عوامل تعيق التنفيذ الفعلي لهذا القانون.

ووفقًا للتقرير، فإن الدول التي تحقق نجاحًا في مجال الشفافية تجمع بين إطار قانوني قوي وإرادة سياسية حقيقية ودعم مؤسسي ملموس، وهو ما يفتقر إليه المغرب في الوقت الراهن.

وأشار التقرير إلى أوجه القصور في المغرب من خلال مقارنة إقليمية مع دول مثل تونس وسيراليون، التي تسجل نسبًا متدنية مشابهة فيما يتعلق بإمكانية الوصول إلى المعلومات العامة.

في المغرب، أكثر من 80 بالمائة من المواطنين يعتبرون أن الوصول إلى العقود العامة أمر غير ممكن، وهي نسبة تتقاطع مع تلك المسجلة في دول أخرى تواجه تحديات مشابهة رغم التزاماتها الدولية.

إلى جانب تحليل هذه الإشكاليات، سلط التقرير الضوء على الأبعاد السياسية والاجتماعية المرتبطة بالحق في المعلومات. الدول التي تتبنى ممارسات شفافية متقدمة، وفقًا للتقرير، تتمتع بمستويات أقل من الفساد وبعلاقة ثقة أقوى بين المواطن والدولة.

أما المغرب، فيمثل نموذجًا لبلد يمتلك إطارًا قانونيًا دون أن يتمكن من تحويله إلى واقع ملموس. قطاع التعليم يُعد مثالًا واضحًا على ذلك، حيث أن الشفافية المحدودة فيه تؤثر بشكل مباشر على نوعية الخدمات المقدمة.

ولمواجهة هذه التحديات، أوصى التقرير بضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة تشمل تعزيز الوعي بحقوق المواطنين، تطوير البنية التحتية للمعلومات، وضمان التزام المؤسسات العامة بتوفير المعلومات بطريقة شفافة وعادلة. تحقيق هذه الأهداف لن يسهم فقط في تحسين صورة المغرب على الساحة الدولية، بل سيشكل أيضًا ركيزة أساسية لبناء علاقة أكثر استقرارًا وثقة بين الدولة والمجتمع.