9 خيارات أمام أعطاب النموذج التنموي الجديد

هاشتاغ:
يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تسع خيارات كبرى تحدد معالم النموذج التنموي الجديد، وتسمح بتحقيق الطموح الجماعي، بناء على مقاربة منهجية وتشاركية.

وأوضح المجلس، في بلاغ صحفي، أنه تم تسجيل أوجه قصور مهمة تعتري النموذج التنموي القائم حاليا، وهي تهم مجالات النمو والإدماج والتضامن وتكافؤ الفرص والاستدامة، كان من نتائجها إذكاء التقاطبات داخل المجتمع وزعزعة ثقة المواطنين في الحكومة والإدارة والهيئات الوسيطة.
وأكد المجلس على ضرورة مواجهة مواطن الضعف المسجلة من خلال إجراء تحولات جديدة، تقوم على تسع خيارات كبرى تحدد معالم النموذج التنموي الجديد.

– منظومة وطنية للتربية والتكوين محورها المُتَعَلِّم، قائمة على تعزيز وتوسيع مسؤولية الفاعلين وتقوية قدراتهم وتحفيزهم، وهادفة إلى إعداد مواطِنٍ فاعل في دينامية التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

– جيل جديد من الخدمات العمومية، الناجعة ومتاحة الولوج، المرتكزة على تعزيز وتوسيع مسؤولية الفاعلين، والمستثمِرة بقوة لفرصة التحول الرقمي.

– بيئة تَضمن المنافسة السليمة وتُقَنِّن الممارسات الريعية والامتيازات، من أجل تحفيز الاستثمار المنتِج والناجع وتقليص الفوارق.

– إجراء تحوُّل هيكلي للاقتصاد يُدمِج القطاع غير المنظَّم ويرتكز على روح المبادرة والابتكار ويرمي إلى تحقيق الإقلاع الصناعي.

أما الخياران الخامس والسادس فمن شأنهما، حسب المجلس، تعزيز مشاركة فئات المواطنين الأكثر تهميشا في مسلسل التنمية، وهما:

– نساءٌ يتمتَّعن بالاستقلالية ويكنَّ فاعلاتٍ في مجال التنمية ويمارسن حقوقهن بما يكفل مشاركة كاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

– عالم قروي مندمج، يحظى بالتثمين، ويتسم بالجاذبية، ومرتبط بمحيطه.

في حين يسعى الخياران السابع والثامن إلى تكريس التضامن مع ذوي الحاجة ومع الأجيال المقبلة من خلال:

– تضامنٌ مُنظَّم يهدف إلى تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية ويُمَكِّن من حماية اجتماعية شاملة يساهم في تمويلها المواطنون والمواطنات بكيفية عادلة.

– رأسمال طبيعي يحظى بالحماية والتثمين على نحوٍ مستدامٍ من أجل تعزيز النمو المطَّرد.

الخيار التاسع والأخير سيُمكن من منظور المجلس من إضفاء الوضوح على الإصلاحات المقرر مباشرتها وخلق الشروط المواتية لتنفيذها على الوجه الأمثل، وهو:

– دولةٌ الحق والقانون ضامنة للصالح العام، وفق مقاربة ترابية للعمل العمومي تقوم على التجانس والشفافية والنجاعة والتقييم المُمَنهج.

ولتجسيد هذه الخيارات التسعة بشكل عملي، اقترح المجلس أزيد من 180 إجراءً ملموساً يمكن أن يتم تنفيذه بوتيرة سريعة خلال السنوات الخمس المقبلة، عبر توفير الموارد المالية اللازمة والحرص على تعبئة قوية تُمَكِّن من تجاوز أشكال مقاومة التغيير.

استعادة الثقة

التقرير أورد أيضاً عدداً من الأوراش التي يعتبرها مهيكِلة يمكن إطلاقها على الفور، حيث ستشكل، بحسبه، إشارات قوية من شأنها بناء الثقة، تتمثل في جملة من التدابير؛ من بينها الإسراع بمنح استقلالية فعلية للأكاديميات والجامعات والمدارس والمستشفيات في تدبير شؤونها، بما يسمح بإعطاء المسؤولين بها هامشاً أكبر للفعل والمبادرة، وذلك على أساس تعاقدي، مع إعمال مبدأ المحاسبة.

كما يقترح المجلس تحرير المبادرة الاقتصادية من خلال استبدال 90 في المائة من الأذون والتراخيص التي تفرضها الإدارة بدفاتر تحملات وإعادة النظر في الاستثناءات ومواطن الريع والحد من المضاربة العقارية.

ويرى المجلس أن هناك ضرورةً لإطلاق برنامج واسع يرمي إلى إحداث “رجة مبادراتية” من أجل إحداث 50.000 مقاولة صغرى ومتوسطة، إضافة إلى العمل، خلال ثلاث سنوات، على نزع الطابع المادي بشكل تام عن جميع معاملات المواطنين والمقاولات مع الإدارة.

كما يستوجب الأمر أيضاً تعبئة المسؤولين بالمؤسسات العمومية من خلال تعزيز الثقة ومنحهم هامشاً أكبر للفعل والمبادرة، عبر تقوية المراقبة البَعْدية وإحداث وحدات دعم مؤقتة على شاكلة نموذج “وحدات التنفيذ” (delivery unit) يُعهد إليها بتسريع تنفيذ الإصلاحات الكبرى.

وخلص المجلس في تقريره إلى القول: “إن النموذج التنموي الجديد يرتكز على أرضية القيم التي يقوم عليها (مشروعنا المشترك)، وسيكون من شأنه تعزيز التماسك الاجتماعي”، مضيفا: “لذلك، فإن بمقدورنا تحقيقه، لكن الأمر يتطلب انخراط جميع الفاعلين والأطراف المعنية انخراطاً فعلياً في تحقيق التغيير، بدعم وإشراف مؤسساتي من أعلى مستويات الدولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *