علي الغنبوري
طرح الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الاستاذ ادريس لشكر خلال كلمته بالمجلس الوطني للحزب المنعقد نهاية الاسبوع الماضي ، فكرة التناوب الاجتماعي ، كشعار مركزي يؤطر استعدادات الحزب للاستحقاقات الانتخابية .
الاهتمام بهذه الفكرة ، لا ينبع من مقاربة ترويجية او تعامل ظرفي مع كلام سياسي عابر ، بل هو اهتمام نابع من قوة هذا المقترح و من ملحاحيته و راهنيته، داخل المجال السياسي المغربي ، و حاجة المجتمع اليوم الى تصور يعيد التوازن الى فئاته ، و يعطي الامل في النهضة المجتمعية الشاملة التي يتطلع اليها الجميع .
ما قدمه الاستاذ لشكر ، هو كنه الاشكال الذي يعاني منه المغرب اليوم ، فضعف و هشاشة البنية المجتمعية ، و غياب الابعاد الاجتماعية الشاملة و المتكاملة في التصورات العامة للسياسات العمومية ، و تغول المقاربات الليبرالية في شتى المجالات ، نتج عنه شبه انهيار للمنظومة المجتمعية برمتها ، و جعل المغرب يدخل الى مرحلة الالتباس المجتمعي ، الذي يضعف كل مجهوداته في البناء.
طرح ادريس لشكر للتناوب الاجتماعي ، يتجاوز بكثير المنطق الانتخابوي الضيق ، المرهون بما تفرضه قطبية المال و الدين على الواقع الانتخابي ، و يطرح البديل الحقيقي الذي يحتاجه المجتمع، و يستجيب لتطلعات و رهانات البلاد خلال المرحلة المقبلة .
التناوب الاجتماعي هو دعوة للجميع بالاقرار بضرورة وضع حد للتفاوت الكبير الحاصل في البنية الاجتماعية المغربية ،و القضاء على كل مسببات الاختلال الذي الدى اليها ، عبر اقرار تناوب اجتماعي ذو بعد سياسي، يعيد التوازن للمجتمع ، و يدفع بجعل الانسان المغربي جوهر اي عملية تنموية بالبلاد .
فكرة التناوب الاجتماعي ، هي كذلك دعوة لانهاء المنطق السياسي السائد اليوم ،و المبني على قطبية المال و الدين ، و فرض شروط انبثاق سياسي جديد ، يقوم على المقاربات الاجتماعية ، و على التوجهات السياسية التي تحمل القيم والركائز المنتصرة للعنصر البشري،و المستنهضة لكل فئات المجتمع .
حاجة المغرب اليوم لهذا التناوب السياسي الاجتماعي ، هي حاجة مؤكدة و مصيرية ، نظرا اولا للرهانات و التطلعات و المشاريع التي انخرط فيها ،و التي تحتاج الى قوة المجتمع ووحدته و كرامته و قدرته على الانخراط و المشاركة ،و ثانيا باعتبار المشروع الذي يقوده جلالة الملك و ما يحمله من توجهات واضحة لتوفير مقومات العيش الكريم لكل ابناء الشعب المغربي .
و اذا كان المغرب قد انجز تناوبه الديمقراطي بمعية قواه الوطنية الحية ، فانه اليوم محتاج لهذه القوى التي تحمل في عمقها و في فكرها و ممارستها الابعاد الاجتماعية كجزء لا يتجزء من هويتها السياسية ، من اجل بناء المغرب الذي يعتز كل ابنائه بالانتماء اليه .
دفع الاستاذ لشكر بفكرة التناوب الاجتماعي ، هو فهم جيد للواقع المغربي ، و قراءة استشرافية لما يحتاجه المغرب في المرحلة المقبلة ،و انسجام مطلق مع ما قدمه الاتحاد الاشتراكي من مواقف و ممارسة طيلة وجوده السياسي ، و هو كذلك نابع من فكر الاتحاد الاشتراكي المبني على القيم الاجتماعية ، و التي ما فتئ يعبر عنها و يمارسها من مختلف المواقع التي تواجد بها .
ما ينادي به الاتحاد الاشتراكي اليوم ، هو مشروع وطني متكامل ، يروم المصحلة العليا للبلاد ، و يهدف بشكل واضح الى اعادة الاعتبار للمجتمع و طاقاته و ابنائه ،و يدفع نحو انبثاق مرحلة جديدة يكون البناء المجتمعي اساسها ، و العيش الكريم الغاية الوحيدة لها ، تقوده القوى النابعة من عمق المجتمع و الحاملة لمقومات انجاح هذا المشروع في فكرها و ثقافتها و ممارستها .