الكراوي: العالم العربي خارج التاريخ ويعيش حالة من التفكك

قال ادريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة، أمس الخميس، بلشبونة، خلال ندوة حول ” الجغرافية الاقتصادية العالمية الجديدة ” إن الاقتصاد العالمي الراهن يقدم صورة لنظام متصدع ومفكك، تغلب عليه نزاعات مختلفة ومتقلبة.

وتحدث الكراوي خلال هذه الندوة بجامعة لوسيادا، بحضور سفير المغرب بالبرتغال عثمان باحنيني، وعدد من الأساتذة والطلبة، عن منطقة أوروبا الغربية التي ينتابها الشك بخصوص مستقبلها جراء توقف النمو، وأزمة نماذجها الديمقراطية، وعن أمريكا الشمالية التي دخلت مرحلة من الحمائية والقومية الاقتصادية وهيمنة التيار المحافظ، والتملص من مسؤولياتها المتعددة الأطراف على جميع المستويات، وعن أمريكا الجنوبية التي تشهد ديناميتها توقفا بسبب عدم الاستقرار السياسي على المستوى الداخلي، وأزمة عدم الثقة اتجاه المؤسسات المنتخبة، والاختيارات الاقتصادية غير الملائمة، زادت من حدتها أزمة إقليمية مست بلدانها الكبرى.

كما أشار المحاضر إلى قارة آسيوية متعددة التي أصبحت قاطرة الاقتصاد العالمي الجديد، من خلال الصين كقوة عالمية صاعدة تتنازع الريادة العالمية إلى جانب القوى الآسيوية الجديدة وغير الآسيوية الصاعدة كروسيا والهند.

وتناول الكراوي أيضا الوضع في العالم العربي، والذي، وباستثناء بعض النماذج، يعيش حالة من التفكك، ويجد نفسه خارج التاريخ، وسيمضي الجزء الأكبر من القرن ال 21 في بناء الطرق والمدارس والمستوصفات، في ظل سياق تسوده الفوضى، وإفريقيا التي تشهد دينامية على الرغم من التحديات الجسيمة على المستويات السوسيو ديمغرافية، والسوسيو مؤسساتية، والاقتصادية، والبيئية، والثقافية والأمنية.

وأوضح رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة أن هذا النظام العالمي الجديد أصبح معقدا ويعيش على إيقاع الفوضى، ويسير بدون قيادة متبادلة مقبولة من طرف مختلف هذه المناطق، وبدون حكامة مشتركة بينها.

وأضاف أن هذا النظام سيتطور في سياق من الشك حول القدرة الجماعية والفعالة للدول على التحكم في الأجندات العالمية الأساسية، التي تحيل على الخصوص على أهداف التنمية المستدامة.

كما أن هذا النظام، يقول عضو أكاديمية العلوم بالبرتغال، يفتقد للآليات الفعالة للسلام الدائم، بسبب عدم ثقة الدول في مؤسسات الحكامة الدولية، مما يزيد في تعميق أزمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو ما يعرض أمن الإنسان إلى الخطر ويدخل العالم أجمع إلى حالة من الشك.

وحث السيد الكراوي في هذا الصدد على الاهتمام أكثر ببناء أشكال بديلة للتنمية من خلال النهوض بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والمهن المرتبطة بتثمين الرأس مال اللامادي للأمم ، وخاصة الثقافة والفنون والتراث، والاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأزرق، والطاقات المتجددة.

وقال الكراوي إن الاقتصاد العالمي الجديد في حاجة إلى حكامة أكثر مسؤولية وأكثر تضامنا من أجل تسوية الموجات الجديدة لعدم الاستقرار والأجيال الجديدة من الحروب.

كما دعا إلى حكامة تحث الدول والمجموعات الإقليمية الكبرى على وضع سياسات عمومية تحرر الطاقات، من خلال الاستثمار في الموارد البشرية والحفاظ على الموارد الطبيعية عن طريق الاستغلال المسؤول والمستدام لهذه الموارد في انسجام تام مع الأجندات العالمية في مجال التنمية البشرية والحفاظ على مصالح الأجيال المستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *