تقدم منظمات ألمانية غير حكومية دعما ماليا كبيرا لجمعيات محلية في دول عربية عديدة، كما توفر منحا دراسية وتسعى لتحقيق أهداف كالمساواة والديمقراطية. غير أن ذلك لم يجنبها صدامات مع سلطات بعض هذه الدول.
لم تعلّق الحكومة المغربية التواصل مع السفارة الألمانية لوحدها، بل كذلك مع المنظمات أو المؤسسات الألمانية غير الحكومية المانحة التي تتواجد لها فروع في المغرب. وتملك هذه المنظمات فروعا في عدة دول عبر العالم منها دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وليست هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها سلطات بلد من بلدان المنطقة قرارا تجاهها.
“بعض الشركاء طالبونا بتأجيل الفعاليات إلى الأسبوع المقبل أو الذي بعده”، صرّح ممثل مؤسسة كونراد أديناور في المغرب، شتيفن كروغر، لموقع دير شبيغل، مجيبا على سؤال يخصّ أسباب اتخاذ الخارجية المغربية لقرارها بالقول: “نشكّ أن الأمر يتعلق بتراكم مشاكل لأسباب متعددة”. ولم يظهر بعد تحديدا هل دفعت هذه المنظمات العاملة في المغرب ثمن خلاف مغربي-ألماني رسمي، أم أن هناك أسبابًا تتعلّق بنشاطها.
نتعرف هنا على أبرز المؤسسات العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي منظمات وإن كانت ترتبط رسميا أو بشكل غير مباشر بأحزاب ألمانية، إلّا أنها تؤكد أنها تعمل بشكل مستقل في قراراتها. وتتلقى هذه المنظمات دعما ماليا من الحكومة الفيدرالية الألمانية.
مؤسسة فريدريش إيبرت: تملك 10 مكاتب في منطقة مينا، بينها مكاتب المغرب وتونس والسودان ومصر والأراضي الفلسطينية والأردن. وهذه المؤسسة مقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، المعروف اختصارا SPD، وهي أقدم مؤسسة سياسية ألمانية وتؤكد أنها تعمل على القيم الأساسية للديمقراطية الاشتراكية كالحرية والتضامن. تحمل اسم أول رئيس منتخب لجمهورية فايمار التي استمرت من 1918 حتى 1933.
مؤسسة هاينريش بول: تتبع لحزب الخضر، وتروج لقيم التنمية الديمقراطية والمستدامة وحقوق الإنسان والمساواة وحماية البيئة. كغيرها من المنظمات، توفر منحا للطلاب من أجل الدراسة في ألمانيا. لديها خمس مكاتب في المنطقة منها مكتب في المغرب افتتح فقط قبل 7 سنوات، وآخر في تونس. تحمل اسم الأديب الألماني الحائز على جائزة نوبل، وتعد من أصغر المنظمات الألمانية عمرا.
مؤسسة فريدريش ناومان: تتميز عن المؤسسات الأخرى باهتمامها الكبير بالتربية في المجال السياسي وتشجيع الناس على المشاركة السياسية. كما تركز على نشر قيم الليبرالية وحقوق الإنسان داخل ألمانيا والعالم. وهي مقربة من الحزب الديمقراطي الحر. أسسها الليبرالي تيودور هويس، أول رئيس لألمانيا الاتحادية، وأعطاها اسم صديقه أحد مؤسسي التيار الليبيرالي في ألمانيا. وقع توتر بينها وبين مصر أفضى إلى انسحابها من البلد عام 2016 قبل أن تعود لاحقا، كما طرد المغرب ممثلتها عام 2015، غير أن الفرع في المغرب لا يزال يعمل.
مؤسسة كونراد أديناور: هي أكبر منظمة ألمانية من حيث عدد المكاتب في العالم والتي تصل إلى 120 مكتبا، لكنها تحل ثانيا في المنطقة العربية بخمس فروع. تحمل اسم أول مستشار لألمانيا الغربية، وهو أحد من قادوا ما عُرف بـ”المعجزة الألمانية”. المنظمة مقربة من الاتحاد المسيحي الديمقراطي، أي الحزب الذي تنتمي له المستشارة أنغيلا ميركل. تتبنى خطا محافظا وتدعم كذلك السلام والحرية وقيم الديمقراطية. توترت علاقتها بمصر عام 2012 وقضت القاهرة بسجن غيابي لمديرها خمس سنوات قبل تبرئته.
مؤسسة روزا لوكسومبورغ: تحمل اسم القيادية الشيوعية الألمانية المغتالة عام 1919. تتبع المنظمة لحزب اليسار الألماني. تركز كذلك على التربية السياسية وخلق نموذج يساري يواجه الأنظمة الرأسمالية ودعم الحركات النسائية. وتحمل مبادئ أقصى اليسار كمواجهة “الامبريالية”. لا توجد بكثرة في منطقة مينا، لكن لها مكاتب في تونس ولبنان والأراضي الفلسطينية.
مؤسسة هانس سايدل: تحمل اسم ثالث رؤساء وزراء ولاية بافاريا في تاريخها. تابعة لحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي الذي ينشط في بافاريا. تحمل تقريباً الأهداف نفسها لمنظمة كونراد أديناور، لكن أكثر تأكيدا على القيم المسيحية والاجتماعية. توجد في المغرب وتونس مصر، حيث تركز أكثر على ما يتعلق بتطوير القانون العام والشراكة مع المجتمع المدني.
Dw