عبد السلام المساوي
ان الرهان فقط على القبيلة الايديولوجية والمنطق العائلي الحزبي والتحرك وسط المعارف ، الحاملين للخطاب نفسه للوصول إلى الحكومة ، سيضع العدالة والتنمية ، في القريب العاجل ، قرب الحائط ، في زمن لم يعد الناخب يثق كثيرا في العقائد والايديولوجيات الميتافيزيقية …
لقد تعب الناس من الميتافزيقا ، ويريدون حلولا في الأرض ….
لقد أظهرت الاستحقاقات الانتخابية ، سواء تلك المتعلقة بالنقابات والغرف هزيمة حزب العدالة والتنمية ، صحيح ان الحزب حاول تبرير هذا السقوط بالادعاء انه لم يسبق له الرهان على الاستحقاقات المهنية ، لكن النتائج المحصل عليها كارثية بكل المقاييس ، أولا لأنها سجلت تراجعا ب 147 مقعدا عن اخر اقتراع ، مما جعل الحزب الحاكم يتبوأ المرتبة الأخيرة ، ثانيا لفشله في استقطاب كتلة المهنيين طيلة عقد من تربعه على رأس السلطتين التشريعية والتنفيذية . وهنا بالضبط يكمن الفشل الذريع ، ويبدو أن التراجع الانتخابي للحزب الحاكم أصبح بنيويا ، وظهر ذلك خلال الانتخابات الجزئية الأخيرة وخلال الاستحقاقات النقابية والغرف المهنية وسيظهر ذلك خلال استحقاقات رجال الأعمال وبدون شك ستمتد روح التراجعات الى الاستحقاقات التشريعية والجماعية .
ترشيح عدد قليل من المهنيين لا يعني أن حزب العدالة والتنمية لم يكن يرغب في المنافسة ، بل يعني بوضوح أنه ليس بين صفوفه ما يكفي من البروفايلات المطلوبة للترشيح . ومرة أخرى هي أزمة استقطاب النخب .
وتعني نتيجة 49 منتخبا فقط أن عشر سنوات في السلطة كانت سنوات عجاف بالنسبة لتوسيع القاعدة الاجتماعية للحزب خارج معاقله الطبقية التقليدية .
وهنا الخلاصة الموجعة وجعا : لا يمكن للحزب الحاكم ان يحكم بأصوات قواعده الانتخابية فقط ، لا بد به من ثقة النخب والفئات الاجتماعية المنتجة .
والبيجيدي خسر بوضوح ثقة النخب والمنتجين ، كما لم يحصل يوما على ثقة رجال الأعمال .
هنا ، سيكون من المفيد أن يتذوق العدالة والتنمية سم العقاب الانتخابي ، الذي كان أول صناعه في حق خصومه ، وما زال يشتغل به الى حد الان وفق استراتيجية مضبوطة لتحريض الناخبين ضد الأحزاب المنافسة والمطالبة بتصفيتها في صناديق الاقتراع .
هذه الخطة أعطت أكلها في عدد من المحطات الانتخابية السابقة ، حين ووجهت الأحزاب المنافسة بمد جارف من العقاب الانتخابي .
أما اليوم ، فعلى العدالة والتنمية أن يجرب المذاق غير اللذيذ للعقاب الانتخابي في انتخابات المأجورين وانتخابات الغرف المهنية ، مع فارق أساسي أن من لم يصوت للحزب الحاكم ، إنما فعل ذلك بقناعة مفادها أن العدالة والتنمية أخطأ موعده مع التاريخ في عشر سنوات الماضية ، ولم يقدم للمغاربة سوى الريح .